أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ)(٨١)
وقوله (لُعِنَ) من اللعن بمعنى الطرد من رحمة الله فالملعون هو المحروم من رحمته ـ سبحانه ـ ولطفه وعنايته.
والمعنى : لعن الله ـ تعالى ـ الذين كفروا من بنى إسرائيل بأن طردهم من رحمته ، على لسان نبيين كريمين هما داود وعيسى ـ عليهماالسلام ـ وقد جاء الفعل «لعن» بالبناء للمجهول لأن الفاعل معلوم وهو الله ـ تعالى ـ ولأن الأنبياء ومنهم داود وعيسى لا يلعنون أحدا إلا بإذن الله ـ سبحانه ـ وقوله : (مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) في محل نصب على الحال من الذين كفروا أو من فاعل (كَفَرُوا) وهو واو الجماعة.
وقوله : (عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) متعلق بلعن. أى : لعنهم ـ سبحانه ـ في الزبور والإنجيل على لسان هذين النبيين الكريمين اللذين كان أولهما ـ بجانب منصب الرسالة ـ قائدا مظفرا قادهم إلى النصر بعد الهزيمة. وكان ثانيهما وهو عيسى ـ عليهالسلام ـ رسولا مسالما جاءهم ليحل لهم بعض الذي حرم عليهم.
قال الآلوسى : لعنهم الله ـ تعالى ـ في الزبور والإنجيل على لسان داود وعيسى ابن مريم بأن أنزل في هذين الكتابين «ملعون من يكفر من بنى إسرائيل بالله أو بأحد من رسله».
وقيل : إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت قال داود : اللهم ألبسهم اللعن مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين فمسخهم الله قردة.
وأصحاب المائدة لما كفروا بعيسى قال : اللهم عذب من كفر من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين ، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت» (١).
وقوله : (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) بيان لسبب لعنهم وطردهم من رحمة الله.
واسم الإشارة (ذلِكَ) يعود إلى اللعن المذكور.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ٢١١