ويردع ظالمهم ، ويحجز قويهم عن ضعيفهم ، ومسيئهم عن محسنهم.
والمراد بالشهر الحرام : الأشهر الحرم على إرادة الجنس وهي : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب.
وقيل المراد به شهر ذي الحجة فحسب ، لأنه هو الذي تؤدى فيه فريضة الحج ، فالتعريف للعهد وليس للجنس.
والهدى : اسم لما يهدى إلى الحرم من حيوان ليتقرب بذبحه إلى الله تعالى ـ وهو جمع هدية ـ بسكون الدال ـ والقلائد جمع قلادة وهي ما يقلد به الهدى ليعلم أنه مهدى إلى البيت الحرام فلا يتعرض له أحد بسوء.
فالمراد بالقلائد هنا الحيوانات ذوات القلائد التي تساق إلى الحرم لذبحها فيه ، فيكون ذكر القلائد بعد الهدى من باب التخصيص بالذكر على سبيل الاهتمام بشأنها ، لأن الثواب فيها أكثر.
وقيل المراد بها : ما كان يفعله بعض الناس من وضع قلادة من شعر أو من غيره في أعناقهم عند ما يحرمون حتى لا يتعرض لهم أحد بسوء.
وقوله : (وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ) معطوف على ما قبله وهو الكعبة.
والمعنى : اقتضت حكمة الله ـ تعالى ـ ورحمته بعباده أن يصير الكعبة التي هي البيت الحرام (قِياماً لِلنَّاسِ) أى به قوامهم في إصلاح أمورهم دينا ودنيا ، وكذلك جعل الأشهر الحرم والهدى وخصوصا ما يقلد منه قياما للناس أيضا.
وذلك لأن البيت الحرام الذي يأتى الناس إليه من كل فج عميق ، يجدون في رحابه ما يقوى إيمانهم ، ويرفع درجاتهم ، ويغسل سيئاتهم ، ويصلح من شئون دنياهم عن طريق تبادل المنافع ، وبذل الأموال ، والشعور بالأمان والاطمئنان ، وتوثيق الصلات الدينية والدنيوية التي ترضى الله ـ تعالى ـ ، وتجعلهم أهلا لفضله ورحمته.
ولأن الأشهر الحرم تأتى للناس فتجعلهم يمتنعون عن القتال فيها ، فتهدأ نفوسهم ، ويحصل التالف والتزاور بعد التدابر والتقاطع والتعادي ولأن الهدى والقلائد التي يسوقها المحرمون إلى الحرم لذبحها فيها ما فيها من التوسعة على الفقراء. وإشاعة روح المحبة والتسامح والإخاء.
ورحم الله الإمام القرطبي حيث يقول : «والحكمة في جعل الله ـ تعالى ـ هذه الأشياء قياما للناس ، أن الله ـ سبحانه ـ خلق الخلق على سليقة الآدمية من التحاسد والتقاطع والسلب