المخمصة ، فمتى تحل لنا بها الميتة؟ فقال : «إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفثوا بقلا فشأنكم بها».
والاصطباح شرب اللبن بالغداة فما دون القائلة ، وما كان منه بالعشي فهو الاغتباق ومعنى لم تحتفثوا : أى تقتلعوا.
وقوله : (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) أى متعاط لمعصية الله.
وقد استدل بهذه الآية من يقول بأن العاصي بسفره لا يترخص بشيء من رخص السفر ، لأن الرخص لا تنال بالمعاصي (١).
٤ ـ أخذ العلماء من قوله ـ تعالى ـ (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ) أن الاستقسام بالأزلام محرم ، ومحرم أيضا كل ما يشبهه من القمار والتنجيم والرمل وما إلى ذلك قال بعض العلماء : من عمل بالأزلام في السعد والنحس معتقدا أن لها تأثيرا كفر وإن لم يعتقد أثم.
وقد روى أبو داود والنسائي وابن حبان عن قطن بن قبيصة ، عن أبيه أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «العيافة والطرق والطيرة من الجبت».
والعيافة : زجر الطير. والطرق : الخط يخط في الأرض. وقيل : الطرق الضرب بالحصى الذي تفعله النساء.
وفي القاموس : عفت الطير عيافة زجرتها. وهو أن تعتبر بأسمائها ومساقطها فتسعد وتتشاءم. وهو من عادة العرب كثيرا. والطيرة : من اطيرت وتطيرت وهو ما يتشاءم من الفأل الرديء ، وفي الحديث أنه صلىاللهعليهوسلم كان يحب الفأل ويكره الطيرة (٢).
والجبت : كل ما عبد من دون الله.
وقد روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه ، لم تقبل له صلاة أربعين يوما» وروى الإمام أحمد وأبو داود والحاكم عن أبى هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم».
وعن عمران بن حصين مرفوعا : ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له» (٣).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ١٤ ـ بتصرف وتلخيص ـ
(٢) لسان العرب ج ٦ ص ١٨٤.
(٣) تفسير القاسمى ج ٦ ص ١٨٣١.