النساء المحصنات أى : الحرائر العفيفات (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أى : من اليهود والنصارى.
قال الآلوسى : وتخصيص المحصنات بالذكر في الموضعين ، للحث على ما هو الأولى والأليق ، لا لنفى ما عداهن ، فإن نكاح الإماء المسلمات بشرطه ، صحيح بالاتفاق. وكذا نكاح غير العفائف منهن. وأما الإماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند الإمام الأعظم» (١).
وقوله : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أى : مهورهن ، وهي عوض عن الاستمتاع بهن.
قالوا : وهذا الشرط بيان للأكمل والأولى لا لصحة العقد ، إذ لا تتوقف صحة العقد على دفع المهر ، إلا أن الأولى هو إيتاء الصداق قبل الدخول.
وقوله : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) أمر لهم بالعفة والبعد عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وقوله (مُحْصِنِينَ) حال من فاعل (آتَيْتُمُوهُنَ).
وقوله : (غَيْرَ مُسافِحِينَ) صفة لمحصنين ، أو حال من الضمير المستتر في محصنين.
وقوله : (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) يحتمل أن يكون مجرورا على أنه عطف على مسافحين ، وزيدت فيه «لا» لتأكيد النفي المستفاد من لفظ غير. ويحتمل أن يكون منصوبا على أنه عطف على (غَيْرَ مُسافِحِينَ).
والمعنى : أبحنا لكم الزواج بالكتابيات المحصنات لتشكروا الله ـ تعالى ـ على تيسيره لكم فيما شرع ، ولتطلبوا من وراء زواجكم العفة والبعد عن الفواحش ، والصون لأنفسكم ولأنفس أزواجكم عن انتهاك حرمات الله في السر أو العلن.
وقدم ـ سبحانه ـ المحصنات من المؤمنات على المحصنات من الذين أوتوا الكتاب للتنبيه على أن المحصنات من المؤمنات أحق باختيار الزواج بهن من غيرهن ، وأن المحصنة المؤمنة الزواج بها أولى وأجدر وأحسن من الزواج بالمحصنة الكتابية.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).
أى : ومن يكفر بشرائع الله وبتكاليفه التي أنزلها على نبيه صلىاللهعليهوسلم فقد حبط عمله ، أى : خاب سعيه. وفسد عمله الذي عمله. وهو في الآخرة من الهالكين الذين ضيعوا ما عملوه في الدنيا من أعمال بسبب انتهاكهم لحرمات الله وأحكام دينه.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ٦٥ ـ بتصرف يسير.