فالمقصود من هذه الجملة الكريمة : الترهيب من مخالفة أوامر الله والترغيب في طاعته ـ سبحانه ـ.
هذا ، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من الآية الكريمة :
١ ـ إباحة التمتع بالطيبات التي أنعم بها ـ سبحانه ـ على عباده ، ولم يرد نص بحرمتها.
٢ ـ إباحة الأكل من ذبائح أهل الكتاب وإباحة إطعامهم من طعامنا.
٣ ـ الترغيب في نكاح المرأة المحصنة أى التي أحصنت نفسها عن الفواحش وصانتها عن كل ريبة واعتصمت بالعفاف والشرف ، وكان سلوكها المستقيم دليلا على أنها متمسكة بتعاليم دينها. وبالآداب الحميدة التي جاءت بها شريعة الإسلام.
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى ، ومن ذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» ومعنى (تربت يداك) : افتقرت وندمت إن لم تبحث عن ذات الدين ، وتجعلها محط طلبك للزواج بها.
وروى أبو داود والنسائي عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن امرأتى لا تمنع يد لامس. قال صلىاللهعليهوسلم : «غربها ـ أى طلقها ـ». قال : أخاف أن تتبعها نفسي ـ أى : أرتكب معها ما نهى الله عنه بعد طلاقها ـ قال صلىاللهعليهوسلم : «فاستمتع بها». أى أبقها مع المحافظة عليها (١).
٤ ـ إباحة نكاح النساء الكتابيات ـ وهذا مذهب أكثر الفقهاء ، لأن هذا هو الظاهر من معنى قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
قال ابن كثير : وقد كان عبد الله بن عمر لا يرى التزويج بالنصرانية ويقول : لا أعلم شركا أعظم من أن تقول : إن ربها عيسى ، وقد قال الله ـ تعالى ـ (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) :
وعن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) فحجز الناس عنهن حتى نزلت : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) فنكح الناس نساء أهل الكتاب.
__________________
(١) التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج ٢ ص ٢٧٧ للشيخ منصور على ناصف