ـ تعالى ـ : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ...) (١).
وهم يتمنون ذلك عند ما يعرضون على النار يوم القيامة. قال ـ تعالى ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢).
وهم يتمنون ذلك عند ما يرون عصاة المؤمنين ، وقد أخرجهم الله ـ تعالى برحمته من النار.
وقد ذكر الإمام ابن كثير هنا جملة من الأحاديث الدالة على ذلك منها : ما أخرجه الطبراني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن ناسا من أهل «لا إله إلا الله» يدخلون النار بذنوبهم ، فيقول لهم أهل اللات والعزى : ما أغنى عنكم قولكم «لا إله إلا الله» وأنتم معنا في النار؟ قال فيغضب الله لهم ، فيخرجهم ، فيلقيهم في نهر الحياة فيبرءون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه ، فيدخلون الجنة. ويسمون فيها الجهنميين.
فقال رجل : يا أنس ، أنت سمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال أنس : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» نعم ، أنا سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول هذا (٣).
قال بعض العلماء : وأقوال العلماء في هذه الآية راجعة إلى شيء واحد ، لأن من يقول : إن الكافر إذا احتضر تمنى أن لو كان مسلما ، ومن يقول : إنه إذا عاين النار تمنى أن لو كان مسلما .. كل ذلك راجع إلى أن الكفار إذا عاينوا الحقيقية ندموا على الكفر وتمنوا أنهم لو كانوا مسلمين (٤).
وفي هذه الآية ما فيها من تثبيت المؤمنين ، ومن تبشيرهم بأنهم على الحق ، ومن حض للكافرين على الدخول في الإسلام قبل فوات الأوان ، ومن تحذير لهم من سوء عاقبة الكفر والطغيان.
ثم أمر ـ سبحانه ـ الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يذرهم في طغيانهم يعمهون ، بعد أن ثبت أنهم قوم لا ينفع فيهم إنذار فقال ـ تعالى ـ : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
__________________
(١) سورة المؤمنون الآيتان ٩٩ ، ١٠٠.
(٢) سورة الأنعام الآية ٢٧.
(٣) راجع تفسير ابن كثير. المجلد الرابع ص ٤٤٣ طبعة دار الشعب
(٤) تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ج ٣ ص ١١٧ للشيخ محمد الأمين الشنقيطى.