قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله «ليحملوا» متعلق ـ بقالوا ـ كما هو الظاهر .. واللام للعاقبة ، لأن الحمل مترتب على قولهم وليس باعثا ولا غرضا لهم.
وعن ابن عطية : أنها تحتمل أن تكون لام التعليل ومتعلقة بفعل مقدر لا بقالوا ، أى : قدر صدور ذلك منهم ليحملوا ... (١).
وقال ـ سبحانه ـ (كامِلَةً) لتأكيد أنه لا يرفع عنهم شيء من ذنوبهم ، بل سيعاقبون عليها جميعا دون أن ينقص منها شيء.
قال الفخر الرازي : وهذا يدل على أن الله ـ تعالى ـ قد يسقط بعض العقاب على المؤمنين ، إذ لو كان هذا المعنى حاصلا في حق الكل ، لم يكن لتخصيص هؤلاء الكفار بهذا التكميل معنى .. (٢).
وقال بعض العلماء : «ويصور التعبير هذه الذنوب بكونها أحمالا ذات ثقل ـ وساءت أحمالا وأثقالا ـ ، فهي توقر النفوس كما توقر الأحمال الظهور ، وهي تثقل القلوب ، كما تثقل الأحمال العواتق ، وهي تتعب وتشقى كما تتعب الأثقال حاملها ، بل هي أدهى وأنكى» (٣).
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أنه بلغه أنه يتمثل للكافر عمله في صورة أقبح ما خلق الله وجها ، وأنتنه ريحا ، فيجلس إلى جنبه كلما أفزعه شيء زاده فزعا ، وكلما تخوف من شيء زاده خوفا. فيقول له بئس الصاحب أنت ومن أنت؟ فيقول له وما تعرفني؟ فيقول : لا. فيقول : أنا عملك كان قبيحا فلذلك تراني قبيحا ، وكان منتنا فلذلك تراني منتنا. طأطئ إلى أركبك ، فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه ، وهو قوله ـ تعالى ـ (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ..) (٤).
وقوله : «ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم» بيان لأثقال أخرى يحملونها فوق أثقالهم.
أى : أن أولئك المستكبرين ، قالوا في القرآن إنه أساطير الأولين ، فكانت عاقبة قولهم الباطل أن حملوا آثامهم الخاصة ، وأن حملوا فوقها جانبا من آثام من كانوا سببا في ضلالهم.
قال ابن كثير : أى يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم ، وخطيئة إغوائهم لغيرهم ،
__________________
(١) تفسير الآلوسي ج ١٤ ص ١٢٤.
(٢) التفسير الكبير للفخر الرازي ج ٢٠ ص ١٨.
(٣) في ظلال القرآن ج ١٤ ص ٢١٦٧ للأستاذ سيد قطب.
(٤) تفسير ابن جرير ج ١٤ ص ٦٦.