أو بدل منه ، أو بيان له ، والنصب والرفع على القطع للذم. وجوز بعضهم كونه مرتفعا بالابتداء ، وجملة «فألقوا» خبره ..» (١).
والمراد بالملائكة : عزرائيل ومن معه من الملائكة.
والمراد بظلمهم لأنفسهم : إشراكهم مع الله ـ تعالى ـ آلهة أخرى في العبادة.
أى : إن أشد أنواع الخزي والعذاب يوم القيامة على الكافرين ، الذين تنتزع الملائكة أرواحهم من أجسادهم وهم ما زالوا باقين على الكفر والشرك دون أن يتوبوا منهما ، أو يقلعوا عنهما. وقوله : «ظالمي أنفسهم» حال من مفعول تتوفاهم.
وفي وصف هؤلاء الكافرين بكونهم «ظالمي أنفسهم» إشعار إلى أن الملائكة تنتزع أرواحهم من جنوبهم بغلظة وقسوة ، ويشهد لذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ ...) (٢).
وقوله «فألقوا السلم» بيان لما صار إليه هؤلاء المستكبرون من ذل وخضوع في الآخرة ، بعد أن كانوا مغترين متجبرين في الدنيا.
وأصل الإلقاء يكون في الأجسام والمحسات فاستعير هنا لإظهار كمال الخضوع والطاعة ، حيث شبهوا بمن ألقى سلاحه أمام الأقوى منه ، بدون أية مقاومة أو حركة.
والمراد بالسلم : الاستسلام والاستكانة. أى : أنهم عند ما عاينوا الموت ، وتجلت لهم الحقائق يوم القيامة ، خضعوا واستكانوا واستسلموا وانقادوا ، وقالوا : ما كنا في الدنيا نعمل عملا سيئا ، توهما منهم أن هذا القول ينفعهم.
وقد حكى الله ـ تعالى ـ عنهم في آيات أخرى ما يشبه هذا القول ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ).
وقوله ـ سبحانه ـ (بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تكذيب لهم في دعواهم أنهم ما كانوا يعملون السوء لأن لفظ «بلى» لإبطال ما نفوه.
أى : بلى كنتم تعملون السوء ، لأن الله ـ تعالى ـ لا تخفى عليه خافية من أعمالكم ،
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ١٢٨.
(٢) سورة الأنفال الآية ٥٠.