علم اليقين أنه لا شركاء له ـ سبحانه ـ وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (١).
قال الجمل ما ملخصه : وقوله : «تشاقون» من المشاقة وهي عبارة عن كون كل واحد من الخصمين في شق غير شق صاحبه.
وقرأ نافع «تشاقون» بكسر النون خفيفه ، وقرأ الباقون بفتح النون ، ومفعوله محذوف. أى : تشاقون المؤمنين ، أو تشاقون الله ، بدليل القراءة الأولى ...» (٢).
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما يقوله أولو العلم في هذا الموقف الهائل الشديد فقال ـ تعالى ـ : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ، إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ).
والمراد بالذين أوتوا العلم ، كل من اهتدى إلى الحق في الدنيا ؛ وأخلص لله ـ تعالى ـ العبادة والطاعة.
أى : قال الذين هداهم الله ـ تعالى ـ إلى صراطه المستقيم ، في هذا اليوم العصيب ، إن الخزي الكامل ، في هذا اليوم ، والسوء الذي ليس بعده سوء ، على هؤلاء الكافرين ، أصحاب القلوب المنكرة للحق ، والنفوس الجاحدة لليوم الآخر وما فيه من حساب.
وجيء بجمله «قال الذين أوتوا العلم ..» غير معطوفة على ما قبلها ، لأنها واقعة موقع الجواب لقوله ـ سبحانه ـ «أين شركائى ...» وللتنبيه على أن الذين أوتوا العلم سارعوا بالجواب بعد أن وجم المستكبرون ، وعجزوا عن الإجابة.
وقولهم هذا يدل على شماتتهم بأعداء الله ـ تعالى ـ ، وتوبيخهم لهم على كفرهم ، واستكبارهم عن الاستماع إلى كلمة الحق.
وقال ـ سبحانه ـ : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ...) بلفظ الماضي ، مع أن هذا القول سيكون في الآخرة ، للإشارة إلى تحقق وقوعه ، وأنه كائن لا محالة.
ثم صور ـ سبحانه ـ أحوال هؤلاء الكافرين ساعة انتزاع أرواحهم من أجسادهم وساعة وقوفهم للحساب ، فقال ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ، فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ ......).
قال الآلوسى : وفي الموصول أوجه الإعراب الثلاثة : الجر على أنه صفة للكافرين ،
__________________
(١) سورة القصص : الآية ٧٤.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٦٧.