عليهم سقوف بيوتهم ، إذ أتى على أصولها وقواعدها أمر الله ، فانكفأت بهم منازلهم ، لأن ذلك هو الكلام المعروف من قواعد البنيان وخرّ السقف.
وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر الأعرف منها ، أولى من توجيهها إلى غير ذلك ما وجد إليه سبيل» (١).
ويبدو لنا أن ما ذهب إليه ابن جرير ـ رحمهالله ـ أولى بالقبول ، لأنه مادام اللفظ صالحا للحمل على الحقيقة ، فلا داعي لصرفه عن ذلك.
وقد حكى لنا القرآن الكريم صنوفا من العذاب الذي أنزله الله ـ تعالى ـ بالظالمين ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا ، وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ مصيرهم في الآخرة ، بعد أن بين عاقبة مكرهم في الدنيا فقال ـ تعالى ـ : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ ، وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ..).
أى : هذا هو مصير هؤلاء المستكبرين في الدنيا ، أما مصيرهم في الآخرة فإن الله ـ تعالى ـ يذلهم ويهينهم ويفضحهم على رؤوس الأشهاد ، ويقول لهم على سبيل التقريع والتوبيخ : أين شركائى في العبادة والطاعة ، الذين كنتم تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم ، قائلين لهم : إنكم لا بد لكم من إشراكهم معى في العبادة.
وجيء بثم المفيدة للترتيب النسبي ، للإشارة إلى ما بين الجزاءين من تفاوت فإن خزي الآخرة أشد وأعظم مما نزل بهم من دمار في الدنيا.
والاستفهام في قوله «أين شركائى ..» للتهكم بهم وبمعبوداتهم الباطلة التي كانوا يعبدونها في الدنيا ، فإنهم كانوا يقولون للمؤمنين إن صح ما تقولونه من العذاب في الآخرة ، فان الأصنام ستشفع لنا.
أى : أين هؤلاء الشركاء ليدفعوا عنكم ما نزل بكم من خزي وذلة وعذاب مهين؟! وأضاف ـ سبحانه ـ الشركاء إليه ، لزيادة توبيخهم ، لأنهم في هذا اليوم العظيم ، يعلمون
__________________
(١) تفسير ابن جرير ج ١٤ ص ٦٨.
(٢) سورة العنكبوت. الآية ٤٠.