فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٤٧)
قال الآلوسى ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) هم عند أكثر المفسرين ، مشركو مكة ، الذين مكروا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وراموا صد أصحابه عن الإيمان.
وقيل : هم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء ... والمعول عليه ما عليه أكثر المفسرين ، (١).
والاستفهام في الآية الكريمة للتعجيب والتوبيخ.
والفاء للعطف على مقدر دل عليه المقام.
قال بعضهم ما ملخصه : كل ما جاء في القرآن الكريم ، من همزة استفهام بعدها واو العطف أو فاؤه. فالأظهر فيه ، أن الفاء والواو كلتاهما عاطفة ما بعدها على محذوف دل عليه المقام. والتقدير هنا : أجهل الذين مكروا السيئات وعيد الله لهم بالعقاب ، فأمنوا مكره» (٢).
والمراد بمكرهم هنا : سعيهم بالفساد بين المؤمنين ، على سبيل الإخفاء والخداع.
والسيئات : صفة لمصدر محذوف ، أى : مكروا المكرات السيئات. والمكرات ـ بفتح الكاف ـ جمع مكرة ـ بسكونها ـ وهي المرة من المكر.
ويجوز أن تكون كلمة السيئات مفعولا به بتضمين «مكروا» معنى : فعلوا.
والخسف : التغييب في الأرض ، بحيث يصير المخسوف به في باطنها.
يقال : خسف الله بفلان الأرض ، إذا أهلكه بتغييبه فيها.
ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ ....) (٣).
والمعنى : أجهل الذين اجترحوا السيئات وعيدنا ، فأمنوا عقابنا وتوهموا أنهم لن يصيبهم شيء من عذابنا ، الذي من مظاهره خسف الأرض بهم كما خسفناها بقارون من قبلهم؟!!.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ١٥٠.
(٢) تفسير أضواء البيان للشيخ الشنقيطى ج ٣ ص ٢٧٦.
(٣) سورة القصص الآية ٨١.