وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٦٧)
والمراد بالسماء في قوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) : جهة العلو أو السحاب المنتشر في طبقات الجو العليا والذي تنزل منه الأمطار.
والمراد بإحياء الأرض : تحرك القوى النامية فيها ، وإظهار ما أودعه الله ـ تعالى ـ فيها من نبات وأزهار ، وثمرات ، وغير ذلك مما تنبته الأرض.
والمراد بموتها : خلوها من ذلك ، بسبب استيلاء القحط والجدب عليها.
قال ـ تعالى ـ : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).
أى : وكما أنزل الله ـ تعالى ـ كتابه ليكون هداية ورحمة لقوم يؤمنون ، أنزل ـ سبحانه ـ أيضا الماء من السماء على الأرض ، فتحولت بسبب نزول هذا الماء المبارك الكثير عليها ، من أرض جدباء خامدة ، إلى أرض خضراء رابية.
ثم حرض ـ سبحانه ـ عباده على التدبر والشكر فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ).
أى : إن في ذلك الذي فعلناه بقدرتنا وحدها ، من انزل الماء من السماء ، وإحياء الأرض به من بعد موتها ، لآية عظيمة ، وعبرة جليلة ، ودلالة واضحة تدل على وحدانيتنا وقدرتنا وحكمتنا ، «لقوم يسمعون» ما يتلى عليهم من كلام الله ـ تعالى ـ سماع تدبر واعتبار ، فيعملون بما اشتمل عليه من توجيهات حكيمة وإرشادات سديدة.
فالمراد بالسمع : سمع القلوب والعقول ، لا سمع الآذان فقط ، إذ سمع الآذان بدون وعى واستجابة للحق ، لا قيمة له ، ولا فائدة ترجى من ورائه.
ثم أرشد ـ سبحانه ـ إلى مظهر آخر من مظاهر وحدانيته ، وعظيم قدرته وعجيب صنعه ، وسعة رحمته ، حيث خلق للناس الأنعام ، وسقاهم من ألبانها ، فقال ـ تعالى ـ : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً ...).
والأنعام : تطلق على الإبل والبقر والغنم من الحيوان ، ويدخل في الغنم المعز.