بئس الصّحاة وبئس الشّرب شربهم |
|
إذا جرى فيهم المزّاء والسّكر |
المزاء : نوع من الأشربة. والسكر ما يسكر وهو الخمر.
وفسروا الرزق الحسن. بالخل والتمر والزبيب وغير ذلك.
ثم قال : وتفسير «السّكر» بالخمر ، هو المروي عن ابن مسعود ، وابن عمر ، وأبى رزين ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي .. والنخعي .. مع خلق آخرين .. (١).
وعلى هذا التفسير الذي قاله جمهور العلماء يكون السكر غير الرزق الحسن ، ويكون العطف للتغاير.
ومن العلماء من فسر السكر بأنه اسم للخل ، أو للعصير غير المسكر ، أو لما لا يسكر من الأنبذة ، وقد بسط الإمام القرطبي القول في هذه المسألة فقال ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ (سَكَراً) السكر ما يسكر ، هذا هو المشهور في اللغة. قال ابن عباس : نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر.
والمراد بالسكر : الخمر. وبالرزق الحسن : جميع ما يؤكل ويشرب حلالا من هاتين الشجرتين.
وقد قيل إن السكر : الخل بلغة الحبشة. والرزق الحسن : الطعام. وقيل السكر : العصير الحلو الحلال ، وسمى سكرا ، لأنه قد يصير مسكرا إذا بقي ، فإذا بلغ الإسكار حرم ...
وقال الحنفيون. المراد بقوله «سكرا» مالا يسكر من الأنبذة. والدليل عليه أن الله ـ سبحانه ـ امتن على عباده بما خلق لهم من ذلك ، ولا يقع الامتنان إلا بمحلل لا بمحرم ، فيكون ذلك دليلا على جواز شرب ما دون المسكر من النبيذ ، فإذا انتهى إلى السكر لم يجز. وعضدوا هذا من السنة بما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «حرم الله الخمر بعينها والسّكر من غيرها» (٢).
وأصحاب هذا الرأى كأنهم يرون أن عطف الرزق الحسن على السكر من باب عطف الشيء على مرادفه ، كما في قوله ـ تعالى ـ (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) وليس من باب العطف المقتضى للمغايرة ، فالسكر عندهم ليس هو الخمر ، وإنما هو الخل أو العصير أو النبيذ غير المسكر.
ويبدو لنا أن ما ذهب إليه الجمهور من أن السكر هو الخمر أولى بالقبول ، لأن هذا التفسير
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ١٨٠.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ١٢٨.