ـ تعالى ـ : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ).
أى أن هؤلاء الجاحدين لنعم الله ـ تعالى ـ ، بلغ من جهالتهم وسفاهاتهم أنهم يؤمنون بالباطل ، ويكفرون بالحق ، ويعبدون من دون الله ـ تعالى ـ أصناما وأوثانا لا تملك لعابدها أى شيء من الرزق فهي لا تنزل مطرا من السماء ولا تخرج نباتا من الأرض ، ولا تستطيع أن تنفع أو تضر ..
و «ما» في قوله ـ تعالى ـ (ما لا يَمْلِكُ ..) كناية عن معبوداتهم الباطلة فهي مفردة لفظا ، مجموعة معنى.
والتنكير في قوله ـ سبحانه ـ (رِزْقاً) للاشعار بقلته وتفاهته ، وأن معبوداتهم لا تملك لهم أى شيء من الرزق ، حتى ولو كان تافها حقيرا.
وقوله : (شَيْئاً) منصوب على المصدر ، أى : ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم ملكا ، أى : شيئا من الملك.
والضمير في قوله (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) يعود إلى (ما) وجمع بصيغة العقلاء بناء على زعمهم الفاسد ، من أن هذه الأصنام في إمكانها النفع والضر.
وجاءت جملة (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) بعد قوله ـ تعالى ـ (ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..) لتأكيد عجز هذه المعبودات عن فعل أى شيء فهي لا تملك شيئا ، وليس في استطاعتها أن تملك لأنها ليست أهلا لذلك.
وقوله ـ سبحانه ـ (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ ..) نهى منه ـ سبحانه ـ عن أن يشبه في ذاته أو صفاته بغيره ، وقد جاء هذا النهى في صورة الالتفات من الغائب إلى المخاطب للاهتمام بشأن هذا النهى ، والفاء لترتيب النهى على ما عدد من النعم التي وردت في هذه السورة والتي لم ينته الحديث عنها بعد.
والأمثال : جمع مثل ، وهو النظير والشبيه لغيره ، ثم أطلق على القول السائر المعروف ، لمماثلة مضربه ـ وهو الذي يضرب فيه ـ ، لمورده ـ وهو الذي ورد فيه أولا.
وتضرب الأمثال : لتوضيح الشيء الغريب ، وتقريب المعنى المعقول من المعنى المحسوس ، وعرض ما هو غائب في صورة ما هو مشاهد ، فيكون المعنى الذي ضرب له المثل أوقع في القلوب ، وأثبت في النفوس.
وقوله ـ تعالى ـ (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) تعليل لهذا النهى عن ضرب الأمثال لله ـ عزوجل ـ.