وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (١٢٨)
والخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) للرسول صلىاللهعليهوسلم ويدخل فيه كل مسلم يصلح للدعوة إلى الله ـ عزوجل ـ.
أى : ادع ـ أيها الرسول الكريم ـ الناس إلى سبيل ربك أى : إلى دين ربك وشريعته التي هي شريعة الإسلام (بِالْحِكْمَةِ) أى : بالقول المحكم الصحيح الموضح للحق ، المزيل للباطل ، الواقع في النفس أجمل موقع.
وحذف ـ سبحانه ـ مفعول الفعل (ادْعُ) للدلالة على التعميم ، أى ، ادع كل من هو أهل للدعوة إلى سبيل ربك.
وأضاف ـ سبحانه ـ السبيل إليه. للإشارة إلى أنه الطريق الحق ، الذي من سار فيه سعد وفاز ، ومن انحرف عنه شقي وخسر.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) وسيلة ثانية للدعوة إلى الله ـ تعالى ـ أى : وادعهم ـ أيضا ـ إلى سبيل ربك بالأقوال المشتملة على العظات والعبر التي ترقق القلوب ، وتهذب النفوس ، وتقنعهم بصحة ما تدعوهم إليه ، وترغبهم في الطاعة لله ـ تعالى ـ وترهبهم من معصيته ـ عزوجل ـ وقوله ـ تعالى ـ : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) بيان لوسيلة ثالثة من وسائل الدعوة السليمة.
أى : وجادل المعاند منهم بالطريقة التي هي أحسن الطرق وأجملها ، بأن تكون مجادلتك لهم مبنية على حسن الإقناع ، وعلى الرفق واللين وسعة الصدر فإن ذلك أبلغ في إطفاء نار غضبهم ، وفي التقليل من عنادهم ، وفي إصلاح شأن أنفسهم ، وفي إيمانهم بأنك إنما تريد من وراء مجادلتهم ، الوصول إلى الحق دون أى شيء سواه.