٢ ـ ضربات الرومان ـ في ذاتها ـ كانت أشد وأقسى على بنى إسرائيل. من ضربات «بختنصر» لهم.
فمثلا عدد القتلى من اليهود على يد الرومان بقيادة «تيطس» بلغ مليون قتيل ، وبلغ عدد الأسرى نحو مائة ألف أسير (١).
بينما عدد القتلى والأسرى منهم على يد «بختنصر» كان أقل من هذا العدد بكثير.
ولقد وصف المؤرخون النكبة التي أوقعها الرومان بهم ، بأوصاف تفوق بكثير ما أوقعه البابليون بقيادة بختنصر بهم.
يقول أحد الكتاب واصفا ما حل باليهود على يد «تيطس» الرومانى : كان «تيطس» في الثلاثين من عمره ، حين وقف سنة ٧٠ م أمام أسوار أورشليم على رأس جيشه ، بعد أن بدأت المدينة تعانى من أهوال الحصار.
وبعد أن اقتحم «تيطس» وجنوده المدينة ، أصدر أمره إليهم : أن احرقوا وانهبوا واقتلوا ، فأموال اليهود وأعراضهم حلال لكم ، وقد أحرق الرومان معبد اليهود ودمروه ، وتحققت نبوءة المسيح ـ عليهالسلام ـ حين قال : ستلقى هذه الأرض بؤسا وعنتا ، وسيحل الغضب على أهلها ، وسيسقطون صرعى على حد السيف ، ويسيرون عبيدا إلى كل مصر ، وستطأ أورشليم الأقدام (٢).
٣ ـ النكبة التي أنزلها الرومان بهم ـ من حيث آثارها ـ أشنع بكثير من النكبة التي أنزلها بختنصر بهم. لأنهم بعد تنكيل بختنصر بهم وأخذهم أسرى إلى بلاده وبقائهم في الأسر زهاء خمسين سنة عادوا إلى ديارهم مرة أخرى ، بمساعدة «قورش» ملك الفرس ، الذي انتصر على «بختنصر» سنة ٥٣٨ ق. م تقريبا ، وبدءوا يتكاثرون من جديد.
أما بعد تنكيل «تيطس» بهم فلم تقم لهم قائمة ، ومزقوا في الأرض شر ممزق ، وانقطع دابرهم كأمة.
وقد صرح بهذا المعنى صاحب تاريخ الإسرائيليين فقال بعد وصفه لما أوقعه «تيطس» بهم من ضربات : إلى هنا ينتهى تاريخ الإسرائيليين كأمة ، فإنهم بعد خراب أورشليم على يد «تيطس» تفرقوا في جميع بلاد الله ، وتاريخهم بعد ذلك ملحق بتاريخ الممالك التي توطنوها أو نزلوا فيها (٣) ...
__________________
(١) من كتاب «تاريخ الإسرائيليين» ص ٧٦ لشاهين مكاريوس.
(٢) من مقال للاستاذ عمر طلعت زهران عنوانه «تدمير أورشليم» نشر بمجلة الأزهر المجلد ٢١ ص ٤٧.
(٣) تاريخ الإسرائيليين ص ٧٧ لشاهين مكاريوس.