السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤٤)
والخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (أَفَأَصْفاكُمْ ..) للكافرين الذين قالوا ، الملائكة بنات الله.
والإصفاء بالشيء : جعله خالصا. يقال : أصفى فلان فلانا بالشيء ، إذا آثره به. ويقال للأشياء التي يختص السلطان بها نفسه : الصوافي. وفعله : صفا يصفو ، وتضمن هنا معنى التخصيص.
والاستفهام للإنكار والتوبيخ والتهكم.
والمعنى ـ كما يقول صاحب الكشاف ـ أفخصكم ربكم على وجه الخلوص والصفاء بأفضل الأولاد ، وهم الذكور ، ولم يجعل فيهم نصيبا لنفسه ، واتخذ أدونهم ، وهن البنات ، وأنتم لا ترضونهن لأنفسكم ، بل تئدوهن وتقتلونهن!! فهذا خلاف الحكمة وما عليه معقولكم وعادتكم. فإن العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب ، ويكون أردؤها وأدونها للسادات (١).
والمقصود من الجملة الكريمة نفى ما زعموه من أن الملائكة بنات الله بأبلغ وجه ، أى : لم يخصكم ربكم بالبنين ، ولم يتخذ من الملائكة إناثا ، لأنه ـ سبحانه ـ تنزه عن الشريك والولد والوالد والشبيه.
قال ـ تعالى ـ : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ ، سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٢).
وقال ـ تعالى ـ : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) (٣).
وقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) تسفيه لأقوالهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة وعقولهم السقيمة.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٤٥٠.
(٢) سورة الزمر الآية ٤.
(٣) سورة النجم الآية ٢١ ، ٢٢.