بسرعة وانقياد ، حال كونكم حامدين الله ـ تعالى ـ على كمال قدرته ، وناسين ما كنتم تزعمون في الدنيا من أنه لا بعث ولا حساب.
قال صاحب الكشاف : وقوله (بِحَمْدِهِ) حال منهم. أى : حامدين ، وهي مبالغة في انقيادهم للبعث ، كقولك لمن تأمره بركوب ما يشق عليه فيتأبى ويتمنع ، ستركبه وأنت حامد شاكر ، يعنى : أنك تحمل عليه وتقسر قسرا. حتى أنك تلين لين المسمح ـ أى الذليل ـ الراغب فيه ، الحامد عليه.
وعن سعيد بن جبير : ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك (١).
وقوله : (فَتَسْتَجِيبُونَ) بمعنى تجيبون ، إلا أن الاستجابة تقتضي طلب الموافقة ، فهي أوكد من الإجابة ، وأسرع في التلبية.
وجملة «وتظنون إن لبثتم إلا قليلا» حالية ، أى : والحال أنك تظنون عند بعثكم أنكم ما لبثتم في الدنيا أو في قبوركم إلا زمنا قليلا.
قال قتادة : إن الدنيا تحقرت في أعينهم وقلّت ، حين رأوا يوم القيامة ، لهول ما يرون فقالوا هذه المقالة.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (.. كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ. قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ. قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟ هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) (٤).
ثم ترك القرآن الكريم أولئك الذين كفروا بالبعث والنشور في طغيانهم يعمهون ، ووجه خطابه إلى المؤمنين ، آمرا إياهم بأن يقولوا الكلمة الطيبة ، ومبينا لهم ولغيرهم ، أن مصائرهم بيد الله ـ تعالى ـ وحده ، فقال ـ تعالى ـ :
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٦٧٢.
(٢) سورة المؤمنون الآية ١١٢ ، ١١٣.
(٣) سورة يس الآيات ٥١ ، ٥٢.
(٤) سورة النازعات الآية ٤٦.