(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٥٥)
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...) الآية نزلت في عمر بن الخطاب. وذلك أن رجلا من العرب شتمه ، وسبه عمر وهمّ بقتله ، فكادت تثير فتنة ، فأنزل الله فيه : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
وقيل : نزلت لما قال المسلمون : ائذن لنا يا رسول الله في قتال المشركين ، فقد طال إيذاؤهم لنا فقال : «لم أومر بعد بالقتال» (١).
والمعنى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لعبادي المؤمنين ، أن يقولوا عند محاورتهم لغيرهم ، الكلمة التي هي أحسن ، والعبارة التي هي أرق وألطف.
وذلك لأن الكلمة الطيبة ، تزيد في المودة التي بين المؤمنين ، وتكسر حدة العداوة التي بينهم وبين أعدائهم.
قال ـ تعالى ـ : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٢).
قال الآلوسى : ومقول فعل الأمر محذوف ، أى : قل لهم قولوا التي هي أحسن يقولوا ذلك. فجزم يقولوا لأنه جواب الأمر. وإلى هذا ذهب الأخفش.
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٢٧٦.
(٢) سورة فصلت الآية ٣٤.