الدنيا ، وأسقطها علينا ، كما حكى عنهم القرآن ذلك في قوله ـ تعالى ـ (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ...) (١).
فهم يتعجلون العذاب ، والرسول صلىاللهعليهوسلم ، يرجو لهم من الله ـ تعالى ـ الرحمة والهداية وتأخير العذاب عنهم ، لعله ـ سبحانه ـ أن يخرج من أصلابهم من يخلص له العبادة والطاعة.
وقوله ـ تعالى ـ (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) تسجيل لمطلب رابع من مطالبهم القبيحة.
قال الآلوسى : (قَبِيلاً) أى : مقابلا ، كالعشير والمعاشر ، وأرادوا ـ كما جاء عن ابن عباس ـ عيانا.
وهذا كقولهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) ، وفي رواية أخرى عنه وعن الضحاك تفسير القبيل بالكفيل ، أى : كفيلا بما تدعيه. يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته.
وهو على الوجهين حال من لفظ الجلالة .. وعن مجاهد : القبيل الجماعة كالقبيلة ، فيكون حالا من الملائكة ـ أى : أو تأتى بالله وبالملائكة قبيلة قبيلة (٢).
ثم حكى ـ سبحانه ـ بقية مطالبهم التي لا يقرها عقل سليم فقال : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ).
أى : من ذهب ، والزخرف يطلق في الأصل على الزينة ، وأطلق هنا على الذهب لأن الذهب أثمن ما يتزين به في العادة.
(أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) أى : تصعد إليها. يقال : رقى فلان في السلم يرقى رقيا ورقيا أى صعد ، (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) وصعودك إليها مع مشاهدتنا لذلك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا) منها (كِتاباً نَقْرَؤُهُ) ونفهم ما فيه ، أى : يكون هذا الكتاب بلغتنا التي نفهمها وبأسلوب مخاطباتنا ، وفيه ما يدل دلالة قاطعة على أنك رسول من عند الله ـ تعالى ـ ، وما يدعونا إلى الإيمان بك.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه الآيات ، بأن أمر نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم بأن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم ، فقال : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً).
__________________
(١) سورة الأنفال من ٣٢.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٦٩.