إلهين فنزلت (١).
ومعنى : ادعوا ، سموا ، و (أَوِ) للتخيير. و (أَيًّا) اسم شرط جازم منصوب على المفعولية بقوله : (ادْعُوا) والمضاف إليه محذوف ، أى : أى الاسمين. و (تَدْعُوا) مجزوم على أنه فعل الشرط لأيّا ، وجملة (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) واقعة موقع جواب الشرط ، و (ما) مزيدة للتأكيد. والحسنى : مؤنث الأحسن الذي هو أفعل تفضيل.
والمعنى : قل يا محمد للناس : سموا المعبود بحق بلفظ الله أو بلفظ الرحمن بأى واحد منهما سميتموه فقد أصبتم ، فإنه ـ تعالى ـ له الأسماء الأحسن من كل ما سواه ، وقال ـ سبحانه ـ : (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) للمبالغة في كمال أسمائه ـ تعالى ـ وللدلالة على أنه ما دامت أسماؤه كلها حسنة ، فلفظ الله ولفظ الرحمن كذلك ، كل واحد منهما حسن.
وقد ذكر الجلالان عند تفسيرهما لهذه الآية ، أسماء الله الحسنى ، فارجع إليها إن شئت (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) تعليم من الله ـ تعالى ـ لنبيه كيفية أفضل طرق القراءة في الصلاة.
فالمراد بالصلاة هنا : القراءة فيها. والجهر بها : رفع الصوت أثناءها ، والمخافتة بها : خفضه بحيث لا يسمع. يقال : خفت الرجل بصوته إذا لم يرفعه ، والكلام على حذف مضاف.
والمعنى : ولا تجهر يا محمد في قراءتك خلال الصلاة ، حتى لا يسمعها المشركون فيسبوا القرآن ، ولا تخافت بها ، حتى لا يسمعها من يكون خلفك ، بل أسلك في ذلك طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة.
ومما يدل على أن المراد بالصلاة هنا : القراءة فيها ، ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس.
قال : نزلت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مختف بمكة ، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع ذلك المشركون ، سبوا القرآن ، ومن أنزله ، ومن جاء به ، فأمره الله بالتوسط.
وقيل : المراد بالصلاة هنا : الدعاء. أى : لا ترفع صوتك وأنت تدعو الله ، ولا تخافت به. وقد روى ذلك عن عائشة ، فقد أخرج الشيخان عنها أنها نزلت في الدعاء.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٩١.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٦٥٦.