ويبدو لنا أن التوجيهات التي بالآية الكريمة تتسع للقولين ، أى : أن على المسلم أن يكون متوسطا في رفع صوته بالقراءة في الصلاة ، وفي رفع صوته حال دعائه.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بهذه الآية : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ...).
أى : وقل ـ أيها الرسول الكريم ـ : الحمد الكامل ، والثناء الجميل ، لله ـ تعالى ـ وحده ، الذي لم يتخذ ولدا ؛ لأنه هو الغنى ، كما قال ـ تعالى ـ : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ، سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ ، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ..) (١).
ولم يكن له ، ـ سبحانه ـ (شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) بل هو المالك لكل شيء ، ليس له في هذا الكون من يزاحمه أو يشاركه في ملكه أو في عبادته. كما قال ـ تعالى ـ : (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) (٢).
وكما قال ـ عزوجل ـ : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ ، وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ ، إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ، وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ، سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٣).
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) أى : ولم يكن له ـ سبحانه ـ ناصر ينصره من ذل أصابه أو نزل به ، لأنه ـ عزوجل ـ هو أقوى الأقوياء ، وقاهر الجبابرة ، ومذل الطغاة ، (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).
(وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أى : وعظمه تعظيما تاما كاملا ، يليق بجلاله عزوجل.
قال الإمام ابن كثير : عن قتادة أنه قال : ذكر لنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يعلم أهله كبيرهم وصغيرهم هذه الآية. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ...).
ثم قال ابن كثير : وقد جاء في حديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سماها آية العز (٤).
__________________
(١) سورة يونس الآية ٦٨.
(٢) سورة الإسراء الآية ٤٢ ، ٤٣.
(٣) سورة المؤمنون الآية ٩١.
(٤) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ١٢٩.