(ج) ثم أمرت السورة الكريمة النبي صلىاللهعليهوسلم برعاية الفقراء من أصحابه. ومدحتهم بأنهم يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه .. كما أمرته بأن يجهر بكلمة الحق ، فمن شاء بعد ذلك فليؤمن ومن شاء فليكفر ، فإن الله ـ تعالى ـ قد أعد لكل فريق ما يستحقه من ثواب أو عقاب.
قال ـ تعالى ـ (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ، إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها ، وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً).
(د) ثم ضربت السورة الكريمة مثلا للشاكرين والجاحدين ، وصورت بأسلوب بليغ مؤثر تلك المحاورة الرائعة التي دارت بين صاحب الجنتين الغنى المغرور ، وبين صديقه الفقير المؤمن الشكور ، وختمت هذه المحاورة ببيان العاقبة السيئة لهذا الجاهل الجاحد.
استمع إلى القرآن وهو يبين ذلك بأسلوبه فيقول : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ، فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ، وَيَقُولُ : يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً. وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً).
(ه) ثم أتبعت السورة هذا المثل للرجلين ، بمثال آخر لزوال الحياة الدنيا وزينتها ، وببيان أحوال الناس يوم القيامة ، وأحوال المجرمين عند ما يرون صحائف أعمالهم وقد خلت من كل خير.
قال ـ تعالى ـ : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ ، فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ، فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ ، وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ، الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً. وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
(و) وبعد أن ذكرت السورة الكريمة طرفا من قصة آدم وإبليس ، وبينت أن هذا القرآن قد صرف الله فيه للناس من كل مثل ، وحددت وظيفة المرسلين عليهم الصلاة والسلام.
بعد كل ذلك ساقت في أكثر من عشرين آية قصة موسى مع الخضر ـ عليهماالسلام ـ وحكت ما دار بينهما من محاورات. انتهت بأن قال الخضر لموسى : (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ، ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).
(ز) ثم جاءت بعد قصة موسى والخضر ـ عليهماالسلام ـ قصة ذي القرنين في ست