«وهي» أى الجنة التي أنفق فيها ما أنفق (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) أى : ساقطة ومتهدمة على دعائمها وعلى سقوفها.
وأصل الخواء السقوط والتهدم. يقال : خوى البيت إذا سقط. كما يطلق على الخلاء من الشيء. يقال : خوى بطن فلان من الطعام أى : خلا منه ، وخوت الدار إذا خلت من سكانها.
والعروش جمع عرش ، وهو سقف البيت.
والمقصود أن الجنة بجميع ما اشتملت عليه ، صارت حطاما وهشيما تذروه الرياح. وجملة : «ويقول يا ليتني لم أشرك يربى أحدا» معطوفة على جملة «يقلب كفيه ..».
أى : صار يقلب كفيه حسرة وندامة لهلاك جنته ، ويقول زيادة في الحسرة والندامة : يا ليتني اتبعت نصيحة صاحبي فلم أشرك مع ربي ـ سبحانه ـ أحدا في العبادة أو الطاعة.
وهكذا حال أكثر الناس ، يذكرون الله ـ تعالى ـ عند الشدائد والمحن ، وينسونه عند السراء والعافية.
والمتدبر لهذه الآية الكريمة يراها قد صورت فجيعة الرجل الجاحد في جنته تصويرا واقعيا بديعا.
فقد جرت عادة الإنسان أنه إذا نزل به ما يدهشه ويؤلمه. أن يعجز عن النطق في أول وهلة. فإذا ما أفاق من دهشته بدأ في النطق والكلام.
وهذا ما حدث من ذلك الرجل ـ كما صوره القرآن الكريم ـ فإنه عند ما رأى جنته وقد تحطمت أخذ يقلب كفيه حسرة وندامة دون أن ينطق ، ثم بعد أن أفاق من صدمته جعل يقول : يا ليتني لم أشرك بربي أحدا.
فيا له من تصوير بديع. يدل على أن هذا القرآن من عند الله ـ تعالى ـ.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه القصة ببيان عظيم قدرته ونفاذ إرادته فقال.
(وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً. هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ، هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً).
أى : ولم تكن لهذا الجاحد المغرور بعد أن خوت جنته على عروشها ، عشيرة أو أعوان ينصرونه ، أو يدفعون عنه ما حل به ، وإنما القادر على ذلك هو الله ـ تعالى ـ وحده ،