وأخرج عبد بن حميد وجماعة عن قتادة أنه قال في الآية : بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لو يعلم العبد قدر عفو الله ـ تعالى ـ لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه» (١).
وقوله ـ سبحانه ـ (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ...) معطوف على قوله قبل ذلك (نَبِّئْ عِبادِي ...).
قال الجمل : وأصل الضيف : الميل ، يقال أضفت إلى كذا إذا ملت إليه. والضيف من مال إليك نزولا بك ، وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر ، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في غالب كلامهم. وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف ... (٢).
والمراد بضيف إبراهيم هنا : الملائكة الذين نزلوا عنده ضيوفا في صورة بشرية ، وبشروه بغلام عليم ، ثم أخبروه بأنهم أرسلوا إلى قوم لوط لإهلاكهم ...
ثم فصل ـ سبحانه ـ ما دار بين إبراهيم وضيوفه فقال : (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً ..).
والظرف «إذ» منصوب على أنه مفعول به لفعل مقدر.
أى : ونبئهم ـ أيضا ـ أيها الرسول الكريم ـ عن ضيف إبراهيم ، وقت أن دخلوا عليه ، فقالوا له على سبيل الدعاء أو التحية (سَلاماً) أى : سلمت سلاما. أو سلمنا سلاما.
فلفظ «سلاما» منصوب بفعل محذوف.
وقوله ـ سبحانه ـ (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) بيان لما رد به إبراهيم ـ عليهالسلام ـ على الملائكة.
و «وجلون» جمع وجل ، والوجل : اضطراب يعترى النفس لتوقع حدوث مكروه.
يقال : وجل الرجل وجلا فهو وجل إذا خاف.
أى : قال لهم إبراهيم بعد أن دخلوا عليه وبادروه بالتحية إنا منكم خائفون.
وقال «إنا منكم ...» بصيغة الجمع ، لأنه قصد أن الخوف منهم قد اعتراه هو ، واعترى أهله معه.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ٥٥.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٤٨.