مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (٦٥)
قال الإمام الرازي ما ملخصه : اعلم أن هذا ابتداء قصة ثالثة ذكرها الله ـ تعالى ـ في هذه السورة ، وهي أن موسى ـ عليهالسلام ـ ذهب إلى الخضر ليتعلم منه ، وهذا وإن كان كلاما مستقلا في نفسه إلا أنه يعين على ما هو المقصود في القصتين السابقتين : أما نفع هذه القصة في الرد على الكفار الذين افتخروا على فقراء المسلمين ، فهو أن موسى مع كثرة علمه وعمله .. ذهب إلى الخضر لطلب العلم وتواضع له.
وأما نفع هذه القصة في قصة أصحاب الكهف ، فهو أن اليهود قالوا لكفار مكة : «إن أخبركم محمد صلىاللهعليهوسلم عن هذه القصة فهو نبي وإلا فلا ؛ وهذا ليس بشيء. لأنه لا يلزم من كونه نبيا أن يكون عالما بجميع القصص كما أن كون موسى نبيا لم يمنعه من الذهاب ليتعلم منه» (١).
وموسى ـ عليهالسلام ـ هو ابن عمران ، وهو أحد أولى العزم من الرسل ، وينتهى نسبه إلى يعقوب ـ عليهالسلام ـ.
وفتاه : هو يوشع بن نون ، وسمى بذلك لأنه كان ملازما لموسى ـ عليهالسلام ـ ويأخذ عنه العلم.
__________________
(١) التفسير الكبير للفخر الرازي ج ٢١ ص ١٤٣.