قالوا : والسدان هما جبلان من جهة أرمينية وأذربيجان ، وقيل هما في نهاية أرض الترك مما يلي المشرق :
(وَجَدَ مِنْ دُونِهِما) أى : من دون السدين ومن ورائهما (قَوْماً) أى : أمة من الناس لغتهم لا تكاد تعرف لبعدهم عن بقية الناس ، ولذا قال ـ سبحانه ـ.
(لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) أى : لا يكاد هؤلاء القوم يفهمون أو يقرءون ما يقوله الناس لهم ، لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم ، ولا يعرف الناس ـ أيضا ـ ما يقوله هؤلاء القوم لهم ، لشدة عجمتهم.
(قالُوا) أى : هؤلاء القوم لذي القرنين : (يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ).
ويأجوج ومأجوج اسمان أعجميان ، قيل : مأخوذان من الأوجة وهي الاختلاط أو شدة الحر : وقيل : من الأوج وهو سرعة الجري.
واختلف في نسبهم ، فقيل : هم من ولد يافث بن نوح والترك منهم. وقيل : يأجوج من الترك ، ومأجوج من الديلم.
أى : قال هؤلاء القوم ـ الذين لا يكادون يفقهون قولا ـ لذي القرنين ، بعد أن توسموا فيه القوة والصلاح .. يا ذا القرنين إن قبيلة يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض بشتى أنواع الفساد والنهب والسلب.
وفي الصحيحين من حديث زينب بنت جحش ـ رضى الله عنها ـ قالت : استيقظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : «لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ، وحلق ـ بين أصابعه ـ قلت : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم إذا كثر الخبث».
وقوله ـ تعالى ـ (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) حكاية لما عرضه هؤلاء القوم على ذي القرنين من عروض تدل على ثقتهم فيه وحسن أدبهم معه ، حيث خاطبوه بصيغة الاستفهام الدالة على أنهم يفوضون الأمر إليه.
والخرج : اسم لما يخرجه الإنسان من ماله لغيره. وقرأ حمزة والكسائي خراجا : وهما بمعنى واحد ، وقيل الخرجة : الجزية. والخراج : اسم لما يخرجه عن الأرض.
أى : فهل نجعل لك مقدارا كبيرا من أموالنا على سبيل الأجر ، لكي تقيم بيننا وبين قبيلة يأجوج ومأجوج سدا يمنعهم من الوصول إلينا. ويحول بيننا وبينهم؟