فتم الثناء بكل كمال. ولأجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ...» (١).
والمراد بالسجود في قوله ـ تعالى ـ (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) الصلاة. وعبر عنها بذلك من باب التعبير بالجزء عن الكل ، لأهمّيّة هذا الجزء وفضله ، ففي صحيح مسلم عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء».
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة ، أن ترتيب الأمر بالتسبيح والتحميد والصلاة على ضيق الصدر ؛ دليل على أن هذه العبادات ، بسببها يزول المكروه بإذنه ـ تعالى ـ ، وتنقشع الهموم ... ولذا كان صلىاللهعليهوسلم إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث نعيم بن عمار ـ رضى الله عنه ـ أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : قال الله ـ تعالى ـ : «يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار ، أكفك آخره».
فينبغي للمسلم إذا أصابه مكروه أن يفزع إلى الله ـ تعالى ـ بأنواع الطاعات من صلاة وتسبيح وتحميد وغير ذلك من ألوان العبادات.
والمراد بالأمر بالعبادة في قوله تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) المداومة عليها وعدم التقصير فيها.
والمراد باليقين : الموت ، سمى بذلك لأنه أمر متيقن لحوقه بكل مخلوق.
أى : ودم ـ أيها الرسول الكريم ـ على عبادة ربك وطاعته ما دمت حيا ، حتى يأتيك الموت الذي لا مفر من مجيئه في الوقت الذي يريده الله ـ تعالى ـ.
ومما يدل على أن المراد باليقين هنا الموت قوله ـ تعالى ـ حكاية عن المجرمين : (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) أى : الموت.
ويدل على ذلك أيضا ما رواه البخاري عن أم العلاء أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما دخل على
__________________
(١) تفسير أضواء البيان الشيخ الأمين الشنقيطى ج ٢ ص ٢٠٣.