المفسّرون احتمالات عديدة ، فذهب البعض إلى أنّه يعود إلى (كبيرهم) أيّ يرجعون إلى الصنم الكبير ويسألونه عن سبب تحطّم وانهدام هذه الأصنام والسبب في نجاته هو من بينهم ، وطبيعي أنّ هذا الصنم سيعجز عن الجواب ، ومن هنا يتضّح لهم خواء معتقدهم.
والاحتمال الآخر هو أنّ الضمير يعود إلى (إبراهيم) يعني أنّ الوثنيين يرجعون إلى إبراهيم ويسألونه عن الدافع الّذي حمله على هذا التصرّف ، فيوضّح لهم الحقائق (وطبعاً في هذه الآية تكون جملة (إلّا كبيراً لهم) عديمة التأثير في مفهوم الآية بخلاف الاحتمال السابق).
الاحتمال الثالث : أن يعود الضمير إلى الله تعالى ، أي أنّ مشاهدة ضعف هذه الأصنام وذلتها في مقابل إنسان واحد سيؤدي إلى أن يثوب الوثنيون إلى رشدهم ويتركوا عبادة الأصنام ويتجهوا إلى الله تعالى ويسلكوا خطّ العبادة والتوحيد.
(وهذا التفسير أيضاً يرد عليه الإشكال السابق).
ولكن الأنسب من الجميع لسياق الآيات هو التفسير الأوّل.
وعلى أيّة حال فإنّ هذه الآيات تشير إلى أنّ أحد الفضائل الأخلاقية للأنبياء اولي العزم هو شجاعتهم المنقطعة النظير ، وأنّهم لم يكونوا يشعرون بالخوف إلّا في دائرة الإيمان بالله تعالى وفي مقابل الذات المقدسة ، وفي هذا الطريق لم يكونوا يعيشون التردّد والخوف والضعف بأي شكل من الأشكال ، وبالتالي فهم منزّهون ومطهَّرون عن حالة الجُبن والخوف الّذي يُعد رذيلة أخلاقية كبيرة ، ولهذا نجد إبراهيم عليهالسلام وهو يتصدّى لجماعات الوثنيين وقوى الانحراف والأعداء الشرسين لوحده وينتصر عليهم أخيراً ، ولا شكّ أنّ الأنبياء العظام لو كانوا يعيشون حالة الخوف والجُبن في حركة الحياة فإنّهم لم يكونوا قادرين على أداء مهمّتهم الرسالية والانتصار على الأعداء.
وتتحرك «الآية الثانية» من موقع توجيه الخطاب للنبي موسى بن عمران ، وذلك لمّا نزل عليه الوحي لأول مرّة وقد صدر له الأمر بأن يُلقي عصاه الّتي تحوّلت بإعجاز إلهي إلى