قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخلاق في القرآن [ ج ٢ ]

الأخلاق في القرآن [ ج ٢ ]

308/448
*

ذكرنا» يتضح جيداً أنّ ذلك كان نتيجة أعمالهم السيئة في الحياة الدنيا وعلى شكل عقوبة إلهية.

والمعروف أنّ الآية محل البحث نزلت في طائفة من الأثرياء والمتكبرين في عصر النزول حيث جاءوا إلى النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا له : يا رسول الله ، إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيت عنّا هؤلاء وأرياح جبابهم ـ يعنون بذلك سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصوف ولم يكن عليهم غيرها ـ جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله : إنا اعتدنا للظالمين ناراً ... (١).

إن الله تعالى كان يعلم ما في نفوس هؤلاء الغافلين وأنّهم يعيشون الادعاءات الفارغة والشعارات الجوفاء وأنّهم ليسوا بقابلين للاعتماد والثقة لا في حالة الصلح ولا في زمن الحرب ولا يمكن الاستفادة من أفكارهم ، ولهذا حذّر الله تعالى نبيّه الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله من وساوسهم.

«الآية الرابعة» تتحرك في سياقها من خلال استعراض بعض أوصاف أهل النار وتقول : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ* أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٢)

في هذه الآية الكريمة نقرأ أنّ السبب الأساس لانكار المعاد لدى بعض الناس ورضاهم بالحياة الدنيا ونسيان الآخرة هو «الغفلة» عن آيات الله والّتي تمثل هذه الحالة المحور والمصدر الحقيقي لشقاء الإنسان وتورطه في المشاكل والمصائب ، في حين أنّ السبب الحقيقي لسعادة المؤمنين وأصحاب النعيم في الآخرة يمتد في جذوره إلى حالة التنبأ والتذكر والانفتاح على الله تعالى كما ورد ذلك في الآيات الّتي تلي هذه الآية.

__________________

١ ـ ذكر شأن النزول هذا كلّ من الطبرسي في «مجمع البيان» والقرطبي في تفسير «الجامع لأحكام القرآن» والبرسوني في «روح البيان» وجماعة آخرون مع بعض الاختلاف في النقل (والجدير بالذكر أنّه بالرغم من أنّ سورة الكهف مكية ولكن المفسرين ذكروا أنّ الآية مورد البحث (٢٨) نزلت في المدينة).

٢ ـ سورة يونس ، الآية ٧ و ٨.