المجال ، حيث تمثل بعض اعمال الإنسان وحالاته النفسية من قبيل التكبر والعناد أمام الحقّ والتعصب الشديد حجباً مظلمة على قلب الإنسان تمنعه من مشاهدة جمال الحقّ ، وفي الواقع أنّ هذه الأعمال والصفات القبيحة هي الّتي تسبب حجبهم عن الحقّ وتمنعهم من رؤية آيات الله ، وعند ما تنسب الآية عملية الحجب هذه إلى الله تعالى فإنما ذلك بسبب أنّ الله تعالى قد جعل هذه النتيجة كعقوبة طبيعية واثر طبيعي مترتب على تلك الأعمال والصفات ، أي أنّ الانصراف عن آيات الله هو نتيجة طبيعية مقررة في قانون الخلقة لمن يمارس تلك الأعمال والصفات القبيحة.
والجدير بالذكر أنّ الآية الشريفة تقرر في ختامها وتؤكد على أنّ سبب انصرافهم عن آيات الله هو تكذيبهم وغفلتهم عن هذ الآيات.
«الآية السابعة» تتحرك من خلال استعراض حالة العناد لدى الفراعنة في مقابل الآيات الإلهية والبلايا المتنوعة الّتي أنزلها الله على هؤلاء القوم الفاسقين لينتهوا من غفلتهم ويؤوبوا إلى رشدهم ويتبعوا نبيّهم «موسى بن عمران» وتقول (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)(١).
ومن خلال السياق القرآني في هذه الآية نستوحي أنّ مصدر شقاء قوم فرعون وهلاكهم هو تكذيب الآيات الإلهية والغفلة عنها ، ويمكن أن تكون «الغفلة» سبباً للتكذيب ، فإنّ الجذر الأصلي لشقائهم هو «الغفلة» عن آيات الله ، أو أنّهم قد تحركوا في مقابل الدعوة السماوية من موقع التكذيب أحياناً والغفلة أحياناً اخرى ، وبهذا يكون كلّ من التكذيب والغفلة سبباً مستقلاً للشقاء والهلاك.
بعض المفسّرين يرى أنّ ضمير «عنها» يعود إلى النقمة الإلهية والعذاب الإلهي ، ففي هذه الصورة يكون عنصر التكذيب بآيات الله هو الموجب لشقائهم ، ولكن هذا الاحتمال ضعيف جداً لأن هذا الضمير ورد إلى جانب الآيات ، وحسب الظاهر انه يعود عليها ، وقد أورد بعض
__________________
١ ـ سورة الأعراف ، الآية ١٣٦.