سورة الدهر نزلت في أهل البيت عليهمالسلام ، كما ذكر العلّامة الأميني في كتابه «الغدير» عن أربع وثلاثين نفر من علماء السنّة المعروفين وأنّهم ذكروا هذا الحديث الشريف في كتبهم (مع ذكر اسم الكتاب ورقم الصفحة).
وعلى هذا فإنّ الحديث المذكور مشهور بين أهل السنّة بل متواتر ، وأما علماء الشيعة فهو محل اتفاق وأنّ جميع سورة الدهر أو قسم مهم منها نزلت في أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله وهم «علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام».
ولدى التأمل والتدقيق في آيات سورة الدهر يتضح جيداً أنّ الله تعالى قد ذكر هؤلاء الكرماء من موقع التمجيد والثناء والمدح ووعدهم جزيل الثواب في الآخرة ووصفهم بأوصاف سامية ، فتارةً وصفهم بأنّهم «أبرار» ، وفي مكانٍ آخر ذكرهم بعنوان «عباد الله».
«الآية الثالثة» تتحرك من موقع التشويق والترغيب الشديد لمسألة الانفاق والبذل وتثني على الكرماء والاسخياء بتعابير في غاية العلو والجمال وتقول (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)(١).
فلو أننا أخذنا بظاهر الآية ولم نرتكب بعض التأويل والحذف والتقدير للمفهوم منها فإنّ الآية الشريفة تدلّ على أنّ روح المنفق والمحسن تنمو أو تشتد إلى درجة كبيرة بعملية البذل والانفاق كما أنّ أمواله تتضاعف وتتكاثر عدّة أضعاف بسبب الانفاق وكذلك يتصاعد الإنسان الكريم في مدارج الكمال بسرعة كبيرة وحتّى أنّ الخطوات الصغيرة في هذا السبيل تترتب عليها آثار عظيمة ونتائج كبيرة.
وعلى هذا الأساس فإنّ الانفاق والبذل مضافاً إلى أنّه يُعد قوّة تصعد بالإنسان في مدارج الرشد والكمال المعنوي والإنساني للمجتمع البشري ، فكذلك هو الحال بالنسبة إلى الشخص نفسه.
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٦١.