فكان في ذكره بالعيوب التي هي فيه (١) زجر الناس عن طاعته ؛ فذكرها لإثبات هذا الوجه ، لا أن يكون فائدتها تحصيل الشتم والهجاء ؛ وكذلك ذكر أبا لهب بالتب والخسار وما هو عليه من الفواحش ؛ ليزجر الناس عن اتباعه.
وفي هذه الآيات (٢) دلالة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم من الوجه الذي نذكره في سورة «تبت» إن شاء الله تعالى.
ثم قيل : المهين من المهانة ، ومن المهنة ، ومن [الوهن ، وهو الضعف](٣).
ثم قوله : (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) جائز أن يكون استوجب المهانة ؛ لكونه همازا مشاء بالنميم وبمنعه الخير واعتدائه ؛ فيكون هذا كله تفسير (مَهِينٍ) ، فإن كان هكذا فقوله : (مَهِينٍ) من المهانة هاهنا.
ثم لا يجوز أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخشى عليه طاعة من هذا وصفه ، وأن يميل قلبه إليه ، ولكن النهي لمكان غيره وإن كان هو المشار إليه بالذكر.
وجائز أن يكون قوله : (كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) تمام الكلام ، ويكون قوله : (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) على الابتداء ؛ فكأنه يقول : لا تطع كل حلاف مهين ، وكل هماز مشاء بنميم ، وكل معتد أثيم ، وكل عتل زنيم.
وتفسير الهمز يذكر في [تفسير](٤) سورة الهمزة ، إن شاء الله تعالى.
والمشاء بالنميم : هو الذي يسعى في الفرقة بين الإخوان ، ويقوم فيما بينهم بالقطيعة.
والمناع للخير : قال بعضهم : إنه كان يمنع أهل الآفاق من كان بحضرته عن اتباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويقول : إنه ضال مضل ، فقيل : مناع للخير ؛ لهذا.
ومنهم من ذكر : أنه كان يمنع ولده من الاختلاف إلى مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وجائز أن يكون منعه للخير هو امتناعه عن أداء [الحقوق التي لله](٥) تعالى الواجبة في ماله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُعْتَدٍ).
أي : معتد حدود الله تعالى ، أو ظالم لنفسه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَثِيمٍ).
__________________
(١) في أ : ذكرها.
(٢) في أ : الآية.
(٣) في أ : الوهم.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : حقوق الله.