وقوله ـ عزوجل ـ (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ).
يقول [: فإن هم تعنتوا](١) مع هذا كله في أن يدوموا على دعواهم من غير حجة تشهد لهم ، فسلهم ـ أي : اطلبهم ـ بالزعيم ، أي : من يكفل لهم أن الأمر كما يزعمون.
وقوله ـ عزوجل ـ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ).
أي : شركاء يشفعون (٢) لهم يوم القيامة.
وقال بعضهم : أم لهم شهداء ممن (٣) عندهم كتاب يشهدون لهم بما يذكرون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ).
أي : يكشف عن موضع الوعيد بالشدائد والأهوال ، والساق : الشدة ، وسمي الساق : ساقا لهذا ؛ لأن الناس شدتهم في سوقهم ؛ إذ بها يحملون الأحمال ؛ فكنى بالساق عن الشدة.
وقيل ـ أيضا ـ بأنهم كانوا إذا ابتلوا بشدة وبلاء كشفوا عن أسوقهم ، فكنى بذكره عن الشدة ، لا أن يراد بذكر الساق تحقيق الساق ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ).
يحتمل أن يكون هذا على دعاء الحال ، ويحتمل أن يكون على دعاء الأمر :
فأما دعاء الحال فهو أن من عادات الخلق أنه إذا اشتد بهم الأمر وضاق فزعوا إلى السجود ، فجائز أن يكون ما حل بهم من الأهوال والشدائد يدعوهم إلى السجود ، فيهمون بذلك فلا يستطيعون ؛ فيكون قوله : (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) ، أي : تدعوهم الحالة إلى السجود ؛ فهذا دعاء الحال ، وجائز أن يؤمروا بالسجود ، ويمتحنوا به.
ثم إن كان التأويل على الأمر فيحتمل أن يكون ذلك يوم القيامة ، وجائز أن يكون وقت الموت.
وإن كان على دعاء الحال فذلك يكون عند الموت.
ثم الأمر بالسجود يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون على حقيقة الفعل ، ويحتمل أن يكون على الاستسلام والخضوع ؛ إذ السجود في الحقيقة هو الخضوع والاستسلام ، وكل سجود ذكر في القرآن وأريد به عين السجود ، فليس يجب بتلاوته السجود. وكل ما أريد منه الاستسلام والخضوع فهو الذي
__________________
(١) في أ : فإنهم تفننوا.
(٢) في ب : يشفعوا.
(٣) في ب : من.