وقوله ـ عزوجل ـ (خاوِيَةٍ).
قال بعضهم : أي : بالية.
وقيل : الخاوية ، أي : ساقطة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) [البقرة : ٢٥٩] ، أي : ساقطة على قوائمها.
وقيل : أي : خالية ، فوصفها بالخلاء لأنها أقلعت من أصلها حتى خلا ذلك المكان عنها ، وأعجاز النخل : أصوله.
وقوله ـ عزوجل ـ (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ).
فيه أنه لم يبق لهم نسل يذكرون بهم ، بل أهلكوا بأجمعهم ، وانقطع نسلهم ، وانقطع عنهم الذكر إلا بالسوء ، وإلا كان يرى لهم باقية ، ففيه أنهم استؤصلوا وعم العذاب الكبير والصغير ، يخوف أهل مكة بما يخبرهم عما فعل بأولئك ، وفيه إخبار أنهم عذبوا بعذاب لا رحمة فيه ، وهكذا سنة الله ـ تعالى ـ في مكذبي الرسل من قبل ، وجعل تعذيب هذه الأمة أن يجاهدوا ويقاتلوا ، فتعذيب هذه الأمة تعذيب فيه رحمة ؛ لأن الصغار منهم لا يقاتلون ، والنساء لا يقاتلن ، بل يسبين رجاء أن يسلمن ؛ فعلى هذا يخرج قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ١٠٧] ، والله أعلم.
ويشبه أن يكون هذا جواب قولهم : إن محمدا صرور ، أي : ليس له ولد يبقي نسله وذكره ، فأخبر ـ تعالى ـ أن كثرة الأولاد لا تغني من الله شيئا ؛ إذ قد كانت لهم أهال وأولاد فأهلكوا عن آخرهم ، وانقطع التناسل منهم ؛ ليعلموا [أنه يبقى ذكر](١) لمن أطاع الله ـ تعالى ـ ورسوله ، كان ثمّ أولاد ، أو لم يكن ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ).
قرئ بكسر القاف وفتح الباء ، وقرئ بنصب القاف وجزم الباء.
فتأويل القراءة الأولى : أي : جاء فرعون ومن معه من جنده وأتباعه ، أو من قبله : من كان من أهل القرى التي بغرب المصر ، وقد روي [في الشاذ](٢) في بعض الحروف : وجاء فرعون ومن دونه.
وجائز أن يكونوا من أتباع فرعون.
وجائز ألا يكونوا.
وتأويل القراءة الثانية : أي : جاء فرعون ومن كان متقدما عليه من الأمم الماضية.
__________________
(١) في ب : أن الذكر الباقي.
(٢) في ب : بالشاذ.