أو (واقِعٍ) بمعنى : سيقع ، كما يقال : قابل : أي : سيقبل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) فإن كان قوله : (لِلْكافِرينَ) صلة قوله : (بِعَذابٍ واقِعٍ) ، فحقه أن يقول : على الكافرين ، ولكن اللام من حروف الإضافة والخفض ، وحروف الإضافة مما [يستبدل بعضها ببعض](١) ؛ فجعل اللام بدلا عن «على».
وإن كان قوله : (لِلْكافِرينَ) صلة قوله : (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) فمعناه : أن ليس على الكافرين دافع لعذاب الله ـ عزوجل ـ بل واقع بهم لا محالة ، فأبدلت اللام مكان «عن» ؛ لأنهما جميعا من حروف الخفض.
وقد يدفع العذاب عن المسلمين من وجوه : إما برحمة الله ـ تعالى ـ أو بشفاعة الرسل والأخيار ، وإما بحسنات سبقت منهم ، توجب تكفير سيئاتهم.
فأما الكفار فلا تنالهم رحمته ، ولا شفاعة أحد من الخلائق ، وليست لهم حسنات تكفر سيئاتهم ، فليس لهم ما يدفع عنهم العذاب.
وجائز أن يكون معناه : أن الذين ظنوا أنه ينصرهم عند النوائب وحلول الشدائد ، لا يقوم بنصرهم ، ولا يشفع لهم ؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام ، ويعبدون الملائكة على رجاء أن يشفعوا لهم ، ويقربوهم (٢) إلى الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) أي : ذلك العذاب لهم من الله ـ تعالى ـ ذي المعارج ؛ أي : [من](٣) له المعارج ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج : ١٥] أي : الذي له العرش.
واختلفوا في المعارج : قال بعضهم : هي المصاعد ، وهي السموات ، وسمّاهن مصاعد ؛ لأن بعضها أصعد من بعض وأرفع ، ولو قال : ذي المسافل ، كان مستقيما ، واقتضى (٤) ما يقتضي قوله : ذي المعارج ؛ لأن بعضها إذا كان أصعد [من بعض ؛ فالذي](٥) تحتها أهبط وأسفل ، ولكن ذكر المصاعد ؛ لأن هذا أعلى في الوصف.
ثم في ذكر هذا عظيم (٦) نعمه وإحسانه إلى خلقه ؛ حيث خلق السموات والأرض
__________________
(١) في ب : يستدل ببعضها على بعض.
(٢) في ب : ويقربوا.
(٣) سقط في ب.
(٤) زاد في ب : قوله.
(٥) في أ : والذي.
(٦) في أ : عظم.