ومنهم من يصرف الألف إلى تقدير عروج الخلائق إلى السماء في ذلك اليوم ، ويصرف قوله : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) إلى تقدير المقام للحساب قبل أن يدخلوا النار.
وجائز أن يكون تأويله على ما ذكره بعض أهل التفسير ، وهو أن الله تعالى لو جعل حساب الخلق يومئذ إلى الخلق ، فتكلفوا أن يفرغوا من حسابهم ، لن (١) يفرغوا [منه](٢) إلا في مقدار خمسين ألف سنة ، لكن الله تعالى بلطفه يحاسبهم حسابا يفرغون منه (٣) في أدنى وقت حتى يصير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار في النار ؛ على ما جاء في الأخبار ، وذلك قوله : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) [النور : ٣٩].
فإن قيل في قوله ـ عزوجل ـ : (أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [السجدة : ٥] ، أن كيف قدر ذلك بصعودنا ، ونحن لم يمكن [لنا](٤) من الصعود ، ولم ننشأ على ما في طبعنا إنشاء الصعود حتى ننظر : أنه ألف سنة أو أقل أو أكثر.
وجوابه أن يقال : إن تأويله ـ والله أعلم ـ : أنه لو بسط ما بين السماء والأرض ، وصار بحيث يمكن السير عليه ، لم يقطع ذلك المسير إذا احتجنا إلى قطعه إلا بألف سنة مما تعدون.
وجائز أن يكون تأويله : أن لو جعل لنا إلى السماء باب ، وفتح ، وظللنا (٥) نعرج إليها لم نتوصل إليها إلا في ألف عام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) ، قيل : الصبر الجميل هو صبر لا جزع فيه ، والصبر الذي لا جزع فيه هو أن يصبر صبرا لا يرى عليه أثر الصبر ، بألا يظهر في وجهه كراهة ، ولا عبوسة ، وهو أن ينظر إلى من آذاه بعين الرضا والشفقة ، ليس بعين السخط والكراهة.
أو الصبر الجميل ألا يكافئهم ، ولا يدع شفقته ورحمته [عليهم](٦) بما يؤذونه ، [وقد كان ـ عليهالسلام ـ كذلك مشفقا](٧) بهم رحيما ، حتى بلغت شفقته ورحمته وحزنه على كفار قومه مبلغا كادت نفسه تهلك فيها ، كما قال [الله](٨) تعالى : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ
__________________
(١) في ب : لم.
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ : عنه.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : فظللنا.
(٦) سقط في ب.
(٧) في ب : وقد كان لذلك عليهالسلام مشفقا.
(٨) سقط في ب.