الضعف والمرض في الشاهد ، ووجد طعم الأشياء على خلاف ما هي عليها ؛ فيكون في ذكر هذا تهويل وتفزيع أن هول ذلك اليوم شديد لا تقوم لهوله (١) السموات والأرضون (٢) مع صلابتها وغلظها في نفسها (٣) ، فكيف يقوم لهولها الآدمي الموصوف بالضعف واللين.
وجائز [أن تكون](٤) على ما ذكرنا أنها (٥) تصير شبيهة (٦) بالمهل ؛ للينها [ورخاوتها ، وهو](٧) أنها تلين وترخو من هول ذلك اليوم حتى تصير السماء كالمهل ، والجبال كالعهن ؛ فيكون في هذا ـ أيضا ـ تهويل ؛ ليرجعوا عما هم عليه ويقبلوا على عبادة الله تعالى ، ويتسارعوا إلى طاعته.
وتأويل العهن ، ووجه تشبيه الجبال بها يذكر بعد هذا في قوله ـ عزوجل ـ : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة : ٥].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) قرئ برفع الياء ونصبها ، فمن رفع (٨) الياء فتأويله : أي : لا يطلب حميم من حميم ، ولا يؤخذ بمكانه كما يفعل مثله في الدنيا ؛ لأن ذلك اليوم هو يوم العدل ، وليس من العدل أن يؤخذ الغير بذنب الغير.
ومن قرأه بالنصب فتأويله : ألا يسأل حميم حميما من شدة ذلك اليوم وهوله النصرة والشفاعة.
أو لا يسأل عن حاله بما حل [به](٩) من الشغل في نفسه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) يحتمل أن يعرّف بعضهم عن بعض أن هذا أبوك وابنك وحميمك ؛ إذ لا يعرفه إلا بالتعريف ؛ لما حل به من شدة الهول والفزع ، ثم إذا عرفوا لا يسألونهم ؛ بل يفر بعضهم من (١٠) بعض ، كما قال تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) الآية [عبس : ٣٤].
__________________
(١) في ب : لهولها.
(٢) في ب : الأرض.
(٣) في ب : أنفسها.
(٤) سقط في أ.
(٥) في ب : أنه.
(٦) في ب : شبيها.
(٧) في أ : ورخوتها.
(٨) في ب : يرفع.
(٩) سقط في ب.
(١٠) في أ : عن.