فيه ؛ لئلا يتكلم (١) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا) ، أي : داموا على ما هم عليه وثبتوا على كفرهم.
وقال قتادة : (وَأَصَرُّوا) ، أي : صاحوا في وجوه الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ردا عليهم ، أو مغالبة في الدعاء ؛ كقوله : (وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت : ٢٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) ، أي : استكبروا عن طاعة الله تعالى ، وامتنعوا عن الإجابة لرسوله عليهالسلام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً. ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) ، ففي هذا إخبار أنه دعاهم إلى عبادة الله تعالى في كل وقت تهيأ له من ليل أو نهار ، ولم يقصر فيها ، ودعاهم في كل وقت ؛ رجاء الإجابة منهم.
ويحتمل (إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) ، أي : إذا بعدوا مني ، وازدحموا وكثروا (٢) ؛ فدعاهم جهارا ؛ لتعمهم الدعوة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) إذا قربوا منه وقلوا ، فلما أدخلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم أعلن في الدعاء.
ثم جائز أن يكون الجهر والإسرار منصرفا إلى الدعوة ، ويكون الإعلان إعلانا بالحجج وإظهارا للبينات ، وإلى هذا يذهب أبو بكر الأصم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) ، فالاستغفار طلب المغفرة بما ذكر من قوله عزوجل : (اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) [نوح : ٣] ؛ فيكون هذا منه أمرا لهم بإتيان الإيمان الذي هو سبب المغفرة ، لا أمرا بسؤال المغفرة نفسه من الله تعالى ؛ إذ استغفار كل قوم يرجع إلى أحوالهم ، فإذا كانوا كفرة ، فهو إيمان بالله تعالى ، وإن كانوا [أصحاب ذنوب](٣) ، فالتوبة إلى الله تعالى ، وإن كانوا مخلصين فمما سلف من ذنوبهم مما يعلمونها ، ونحو ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) ، فيحتمل أنما قال هذا لهم ؛ لأنهم كانوا في شدة عيش وضيق حال فوعد أنهم إن انتهوا عن الكفر ، وأجابوا إلى ما يدعوهم إليه ، غفر [الله لهم](٤) ذنوبهم ، وأرسل
__________________
(١) في أ : يتكلمه.
(٢) في أ : أثروا.
(٣) في أ : أصحابه.
(٤) في ب : بهم الله.