قد (١) ذكرنا أن قوله : (أَلَمْ تَرَوْا) يقتضي تذكير أمر عرفوه ، فأغفلوا عنه ، فقد يقتضي تذكير أعجوبة لم يسبق من الخلائق العلم بها ، يقول : قد رأوا أنه خلق سبع سماوات طباقا بغير علائق فوقها ولا أعمدة تحتها ، ومن قدر على خلق مثله لقادر على خلق كل ما (٢) يريد ؛ فيكون فيه إيجاب القول بالبعث ؛ إذ إعادتهم ليست بأعسر (٣) من خلق السموات في تقدير عقولكم ، فمن قدر على خلقهن ، لقادر على البعث ، والله الموفق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) :
منهم من يذكر أنه جعله نورا في السماء الدنيا ، وأضافه إلى جملة السموات.
وقد يجوز ـ أيضا ـ أن يضاف الشيء إلى العدد وإن لم [يكن](٤) يوجد ذلك إلا في البعض ، يقال : في سبع قبائل مسجد واحد ، والمسجد إذا كان واحدا [فهو](٥) لا يكون في سبع قبائل ، وإنما يكون في قبيلة واحدة ، ويقال : فلان توارى في دور قوم ، وهو لا يكون متواريا في دور جملتهم ، وإنما يكون (٦) متواريا في واحدة (٧) منهن ، ثم أضيف التواري إلى الجملة فكذلك أضاف (٨) نور القمر إلى السموات السبع وإن كان القمر في سماء واحدة.
ومنهم من ذكر أن نور القمر قد أحاط بجميع السموات ، وزعم أن وجهه إلى السموات ، وظهره إلى أهل الأرض ، ولهذا ما يعمل عليه السواتر (٩) من السحاب وغيره ، فأما نور وجهه فإنه لا يستره شيء من السواتر.
لكن هذا إنما يعرف بالخبر ، فإن صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خبر ، فذلك هو ، وإلا فالإمساك عن مثله أحق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) فذكر السراج هاهنا مكان الضوء في موضع آخر ، وهو قوله ـ عزوجل ـ : (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) [يونس : ٥] ، فذكر في القمر النور
__________________
(١) في ب : وقد.
(٢) في ب : شيء.
(٣) في ب : بأعوز.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : كان.
(٧) في ب : واحد.
(٨) في ب : أضيف.
(٩) في ب : السوار.