لإيقانه أن ليس له مفر.
وجائز أن يكون هذا كله عند الموت على ما ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا لا وَزَرَ)
ذكر أهل التأويل أن الوزر هو الجبل (١) بلغة حمير (٢).
وذكر عن الحسن قال : كانت العرب يخيف بعضها بعضا ، ويغير بعضها على بعض ؛ فكان يكون الرجلان في ماشيتهما فلا يشعران حتى يريا نواصي الخيل ، فيقول أحدهما لصاحبه : الوزر الوزر ، يعني : الجبل (٣) ؛ فكأنه يقول : ليس لهما إذ ذاك تفريج ولا تسلّ من الأحزان كما يتسلى من يأوي إلى الجبل في الدنيا عن بعض ما يحل به من الأفزاع.
وقيل : الوزر : الملجأ.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) ، فتأويله : أنه ينبأ من أول ما عمل إلى آخر ما انتهى (٤) إليه عمله ؛ كقوله : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) [الكهف : ٤٩].
وقال بعض أهل التأويل (٥) : بما قدم من أنواع الطاعة ، وما أخر من حق الله تعالى من اللوازم التي كانت عليه.
وقال بعضهم : بما أعلن ، وأسر.
وقال بعضهم (٦) : بما قدم في حياته من أعمال ، وما أخر ، أي : ما سن من سنة ، فاستن [بها](٧) بعد موته.
وقد ذكرنا أنه باللطف من الله تعالى ما يعلم بالذي قدم من الأعمال وأخرها ، فيتذكر بذلك حتى يصير ما كتب في الكتاب حجة عليه ؛ وإلا فالمرء في هذه الدنيا إذا كتب كتابا ، ثم أتت عليه مدة ، لم يتذكر جميع ما كتب فيه ، ولا وقف على علم ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) :
هذا يخرج على وجهين :
__________________
(١) في ب : الخيل.
(٢) قاله الضحاك أخرجه ابن جرير عنه (٣٥٥٨٧).
(٣) أخرجه ابن جرير (٣٥٥٧٥) ، وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٦٦). وفي ب : الخيل.
(٤) في ب : ينتهي.
(٥) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٥٥٩٨ ، ٣٥٥٩٩) وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٦٦).
(٦) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٣٥٥٩١) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٦٦) وهو قول ابن مسعود أيضا.
(٧) سقط في ب.