وقوله ـ عزوجل ـ : (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) ، سماه : عظيما ؛ لما ذكرنا من دوام عذابه ودوام عقابه (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ، أي : لحكمه.
أو لحسابه.
أو لوعده ووعيده.
أو يقومون له مستسلمين خاضعين بجملتهم ، وإن كان البعض منهم وجد منه الامتناع عن الاستسلام في الدنيا ، فإن الظلمة ينازعونه ويدعون لأنفسهم أشياء ، وينكرونها له ، فأما يوم القيامة فإنهم جميعا يقرون له وينقادون لحكمه وقضائه ؛ لذلك خصه بقيام الناس له.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا) قال الحسن وأبو بكر : حقا ؛ أي ، بعثهم حق ؛ فيبعثون.
وقال الزجاج : (كَلَّا) : حرف ردع وتنبيه ، أي : ليس الأمر على ما ظنوا : أنهم لا يبعثون ؛ بل يبعثون ويجازون بأعمالهم ؛ فيكون في هذا إيجاب القول بالبعث من طريق الاستدلال.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) اختلف في السجين :
فمنهم (٢) من جعله اسم موضع ، وأشار إليه فقال : هو صخرة تحت الأرض السابعة يوضع كتاب الفجار (٣) تحته إلى يوم القيامة.
ولكن ليس بنا إلى معرفة ذلك الموضع حاجة ؛ لأن الذين امتحنوا بجعله في ذلك الموضع قد عرفوه ، وهم الملائكة.
ومنهم من زعم أنه حرف مذكور في كتب الأولين ، فذكر ذلك في القرآن ، فجائز أن يكون المقصود يتحقق بدون الإشارة إليه.
وجائز أن يكون السجين الموضع الذي أعد (٤) للكافر في الآخرة للعذاب ، لكن أول ما يرد إليه عمله الذي أثبت في كتابه ، ثم تلحق به الروح ، ثم يتبعهما جسده في الآخرة على
__________________
(١) في ب : لقائه.
(٢) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٣٦٦١٧) ، وأبو الشيخ في العظمة ، والمحاملي في أماليه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٣٨).
(٣) في ب : الكافر.
(٤) في ب : اعتد.