[الحجر : ١٦] ، وزينة السماء هي الكواكب بقوله : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) [الصافات : ٦ ، ٧].
ومنهم من قال : هي مجاري الشمس والقمر والكواكب ، فمنازلها هي البروج.
ثم ذكر السماء بالبروج ؛ ليعرف حدثها ودخولها تحت تدبير الغير ؛ إذ ذكرها بالمنافع المجعولة (١) فيها ؛ ليعلم الخلق أنها سخرت للمنافع ؛ فيعرفوا بها حدثها ؛ إذ المسخر لمنافع الغير داخل تحت قدرة من سخره ، والمقدور محدث ، وهم لم يشهدوا بدأها ؛ ليعرفوا به حدثها ، ولا كل أحد يعرف حدثية الشيء ؛ لكونه محدودا في نفسه إذا لم يشاهدوا بدأه ، فذكرها حيث ذكرها بما فيها من المنافع المجعولة للخلق ؛ إذ ذلك أظهر وجوه الدلالة على الحدثية ؛ ليعلموا بها حدثها ؛ ألا ترى أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ احتج على قومه بنفي الإلهية عن الكواكب بأفولها ؛ إذ ذلك أظهر وجوه الحدثية ، ولم يحتج عليهم بانتقالها من موضع إلى موضع ، ولا بكونها محدودة في نفسها ؛ بل احتج عليهم بما ذكرنا ؛ ليتحقق عندهم حدوثها ودخولها تحت سلطان الغير.
وقوله : (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) قيل (٢) : هو يوم القيامة ؛ فسمي : موعودا ؛ لما وعد من جميع الأولين والآخرين في ذلك اليوم ، ثم أقسم بذلك اليوم وإن كانوا منكرين له ؛ لما قرره عليهم بالحجج ، وألزمهم القول به.
وقيل : اليوم الموعود ، هو كل يوم يأتي ، فيأتي بما وعد فيه من الرزق وغيره ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) اختلف في تأويله :
فمنهم من قال : الشاهد هو الله تعالى ، والمشهود هو الخلق ، واستدل على ذلك بقوله : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : ١١٧].
وقيل : الشاهد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والمشهود أمته ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) [النحل : ٨٩].
ومنهم من يقول : الشاهد هو الكاتبان اللذان يكتبان على بني آدم أعمالهم ، والمشهود هو الإنسان الذي يكتب عليه.
__________________
(١) في ب : المجعول.
(٢) عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه عبد بن حميد ، والترمذي ، وابن أبي الدنيا في الأصول ، وابن جرير (٣٦٨٣٢ ، ٣٦٨٣٣) ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، وعنه موقوفا أخرجه ابن جرير (٣٦٨٣٤) ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٥٢) ، وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم.