أريد به غير الذي يراد به إذا أضيف إلى الأجسام والأشخاص ، [والله أعلم](١).
والله تعالى لا يوصف بالجسمية حتى يفهم من مجيئه ما يفهم (٢) من مجيء الأجسام ، ولا (٣) يوصف بالعرض ؛ ليراد به ما يراد من مجيء الأعراض ؛ فحقه الوقف في تفسيره مع اعتقاد ما ثبت بالتنزيل من غير تشبيه (٤) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ).
قيل فيه من أوجه :
أحدها : أنها أظهرت وبرزت لأهلها ، على ما قال في آية أخرى : (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) [الشعراء : ٩١] ، لا أنها كانت في مكان فنقلت عنه ، وقد يراد بالمجيء الظهور ، قال الله ـ تعالى ـ : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨] ، ومعناه : ظهر لكم ، لا أن كان في مكان آخر فجيء به إليهم.
وقال بعضهم : جيء بأهلها إليها ـ أي : إلى جهنم ـ فيكون حقيقة المجيء من الأهل ، ثم نسب إليها ؛ لأنهم إذا أتوها فقد أتتهم هي ، وهو كقوله : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) [مريم : ٦١] ؛ فنسب الإتيان إلى الذي يأتيه الوعد ؛ فيكون الوعد هو الذي يأتي أهله.
وقال بعضهم (٥) : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) ، أي : يجيء زفرتها وشهيقها وتغيظها على أهلها ، لا أن تغير عن مكانها.
ومنهم من حمله على حقيقة المجيء ؛ فذكر أنه يؤتى بها ولها سبعون ألف زمام ، على كل زمام سبعون ألف ملك ، والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) يحتمل أن يتذكر إشفاق الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ونصحهم (٦) لهم ؛ فيعلم أنه كان فيما توهم بهم من الظنون الفاسدة مبطلا ؛ فيكون تذكره ذلك تصديقا منه للرسل ، عليهم [السلام](٧).
(وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) ، أي : لا ينفعه تصديقه إياهم ، إذ لم يصدقهم في الدنيا.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) زاد في ب : به.
(٣) في ب : فلا.
(٤) في أ : نسبة.
(٥) قاله ابن مسعود أخرجه ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن جرير (٣٧١٩٠) عنه موقوفا ، وروي عنه مرفوعا ، وعن أبي سعيد وعلي بن أبي طالب.
(٦) في ب : ونصيحتهم.
(٧) سقط في ب.