وتنظروا في حجج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتؤمنوا بالبعث.
وفائدة التكرار : ما جرى من العادة في تكرار الكلام عند الوعيد أو عند الإياس أو الرجاء ؛ نحو قولهم : الويل الويل ، وقولهم : بخ بخ ، وغير ذلك ؛ فكذلك هذا.
ومنهم من حمل كل لفظة من ذلك على تأويل على حدة : أن قوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) عند الموت عند ما ترون العذاب : أن الأمر ليس كما حسبتم ، وتعلمون في يوم البعث أنه حق يقين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) ، يعني بهذا ـ والله أعلم ـ : إبطال ما كانوا عليه من الظنون والحسبان في هذه الدنيا ؛ ألا ترى إلى قوله ـ تعالى ـ : (ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) [الجاثية : ٣٢] ، فإذا نزل بهم العذاب تحقق عندهم ، وعلموا علما يقينا.
وقال بعضهم : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) حين نزل بكم الموت ، (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) في القبر ، وكذلك روي عن (١) علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة (٢).
وفيه وجه ثان : وهو أنهم كانوا عند أنفسهم علماء ، وأنهم على حق ، ولكن الله ـ تعالى ـ بين لهم أن علمهم (٣) كان حسبانا ؛ ألا ترى إلى قوله ـ تعالى ـ : (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : ١٠٤] ؛ فيظهر لهم عند ذلك : أن اليقين ما نزل بهم ، وأن الذي علموا لم يكن علم يقين ؛ بل كان شكا وحسبانا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : يرونها عند الموت.
والثاني : أي : يرونها بالتفكر والنظر في آيات الله وحججه في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) ، له معنيان :
أحدهما : عيانا ومشاهدة.
والثاني : أن تكون رؤيتهم بعين اليقين ، ليس على ما كان عندهم : أنهم لو فتح لهم باب من السماء وعرجوا إليها ، لقالوا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)
__________________
(١) زاد في ب : ابن عم رسول الله.
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٧٨٧٣ ، ٣٧٨٧٥) ، والترمذي ، وحنيش بن أصرم في الاستقامة ، وابن المنذر ، وابن مردويه كما في الدر المنثور (٦ / ٦٥٩).
(٣) في أ : عملهم.