تضاروهن (١) في المسكن ، فتدخلوا عليهن من غير استئذان ؛ فيضيق عليهن المسكن ؛ فيخرجن ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ).
دل الأمر بالإنفاق على النهي عن الإخراج ، كما دل النهي عن الإخراج على وجوب الإنفاق.
ثم التخصيص بذكر الإنفاق على الحامل (٢) يحتمل أن يكون لمعنى : أنها في الحقيقة ، لم تدخل في قوله : (لا تُخْرِجُوهُنَ) ؛ لأنا قد وصفنا أنها نهيت [عن الخروج] لتحصين ماء الزوج ، وإذا مضت تسعة أشهر فقد خرجت عن التحصين ؛ فكان الواجب أن تسقط النفقة بعد التسعة ، وقد ذكرنا هذا المعنى فيما تقدم.
ويحتمل أن يكون الفائدة في [تخصيص الحوامل](٣) بالإنفاق عندنا ـ والله أعلم ـ [أنه لو لا](٤) هذه الآية ، لكانت الحوامل يخرجن عن قوله ـ تعالى ـ : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) ، ومن قوله : (وَلا يَخْرُجْنَ) ؛ لأن الأزواج لهم أن يحتجوا عليهن بأن حرمة النكاح في ذوات الأحمال ليس لحق الأزواج ، ولكن لحق ما في بطنها من الولد ؛ ألا ترى أنه يحرم عليها النكاح وإن كان الولد من غيره ، وقد قلنا : إن النفقة إنما وجبت في غير الحوامل ؛ لأنهن يحبسن عن نكاح الأجانب بحق الأزواج ، فإذا كان الحبس في الحوامل لا لحق الأزواج ، جاز أن يكون هذا حجة لهم في إسقاط النفقة عنهم ، وإذا كان كذلك ، حث الله لهم في الإنفاق على الحوامل ما لم يضعن حملهن ؛ لأن ذلك الحمل من أثر استمتاعهم المتقدم ؛ ففائدة تخصيص ذكر الحوامل هذا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ).
هذا يتضمن أوجها من أدلة الفقه :
أحدها : أنه قال : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ، ثبت أن الإرضاع كان بإجارة ، وأنه إذا استأجرها ليرضع ولده منها بعد المفارقة ، جازت الإجارة وحل لها أخذ الأجر ، وأنه إذا استأجر امرأته في صلب النكاح على إرضاع ولده منها لم يجز ، ولم يكن لها أخذ الأجر ؛ لأن الله ـ تعالى ـ ذكر بدل الرضاع في صلب النكاح بلفظ : (الرزق) بقوله : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ
__________________
(١) في ب : تضيقوا عليهن.
(٢) في ب : الحوامل.
(٣) في ب : التخصيص للحوامل.
(٤) في ب : أن تكون الفائدة لو لا.