النقم والعقوبة.
ويجوز أن يكون هذه محنة امتحن بها رسوله ؛ ليعلم شفقته على أمته في ترك الدعاء عليهم بالإهلاك ، والله أعلم.
وقوله : (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها).
أي : شدة أمرها ، أو نقمة أمرها ، وعقوبة كفرها.
وقوله : (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً).
أي : عاقبة عتوها خسارة (١) في الآخرة.
وقوله : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ).
أي : فاتقوا الله يا من تدعون أن لهم لبّا ، فاتقوه عن أن تكفروا به وبرسوله.
وفيه دلالة : أن خطاب الله إنما يتناول العقلاء منهم ، وأن من لا عقل له لا خطاب عليه.
وقوله : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) ، له وجهان :
أحدهما : أن يجعل الذكر والرسول كله واحدا ، فيقول : أنزل الله إليكم ذكرا ، وهو الرسول ، وإنما سماه : ذكرا ؛ لوجهين :
أحدهما : أن من اتبعه شرف وصار مذكورا.
أو سماه : ذكرا ؛ لأنه يذكرهم المصالح والمضار ، وما يرجع إليهم من أمر دينهم وعقباهم.
ويجوز أن يكون فيه إضمار ، وهو أن يقول : أنزل الله إليكم ذكرا ، وأرسل إليكم رسولا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ).
[بالخفض ؛ فمعناه أنه يبين الحلال والحرام والأمر والنهي ونصب](٢) الآيات والأعلام والحجج.
فمن قرأ مبينات بالخفض ، فمعناه : أنها تبين الحلال والحرام والأمر والنهي.
ومن قرأ بالنصب ؛ فكأنه يريد به : أن الله ـ تعالى ـ أوضح آياته وبينها ، حتى إن من تفكر فيها وفي جوهرها ، علم أنها من عند الله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) كل من
__________________
(١) في ب : خسارا.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : بالخفض والنصب.