آمن ، فقد خرج من الظلمات إلى النور.
وإذا كان هذا هكذا فحق هذا الكلام أن يقول : ليخرج الذين كفروا من الظلمات إلى النور ، ولكن يحتمل أن يكون معناه : ليخرج الذين يؤمنون ؛ على ما جاز أن يراد من الماضي المستقبل.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) [المائدة : ١١٦].
أي : إذ يقول الله : يا عيسى بن مريم ، جاز أن يراد من المستقبل الماضي ، وهذا سائغ في اللغة.
ويحتمل أن يقول : ليخرج الذين آمنوا من ظلمات تحدث لهم بعد إيمانهم إلى النور ، والله أعلم.
وقيل قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) يعني : الذين وحدوا الله ، وعظموه وبجلوه من معاني الشبه ووصفوه بالتعالي [عن العيوب](١) والآفات ، وعملوا في إيمانهم صالحا إذا خافوه ورجوه بإيمانهم وذلك عملهم الصالح في الإيمان ، وذلك معنى قوله : (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) [الأنعام : ١٥٨] ، ومعنى ذلك الكسب : ما وصفنا من التعظيم والتبجيل والرجاء والخوف في نفس الإيمان ، والله أعلم.
ويجوز أن يكون معنى قوله : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في أداء الفرائض التي افترض الله عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً).
أي : طاعة في الدنيا وثوابا في الآخرة ؛ وذلك معنى قوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) [البقرة : ٢٠١] ، وفي هذه الآية دلالة أن من نال الإيمان ، فإنما ناله بفضل الله تعالى وبرحمته ، لأنه لو لا ذلك ، لم يكن ليمن الله ـ تعالى ـ عليه بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ).
اختلفوا في قوله : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) :
منهم من قال (مِثْلَهُنَ) أي : طباقا مثل السموات بعضها طباق فوق بعض.
ومنهم من قال (مِثْلَهُنَ) يعني : سبع جزائر ، على مثل ما قال : (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) [لقمان : ٢٧] ، فكذلك خلق سبع جزائر.
ومنهم من قال : خلق هذه الأرض التي نشاهدها على حد السماء ومقدارها ، والست من وراء هذه السماء ، والله أعلم.
__________________
(١) في أ : وبالقبول.