المعنى :
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا على الناس ترقب أحوالهم ، وتشاهد أعمالهم ، وتتحمل الشهادة على ما صدر عنهم من التصديق والتكذيب ، وسائر الأعمال : تشهد عليهم وتؤدى الشهادة يوم القيامة بعد أن دعوتهم سرا وإعلانا ليؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [سورة البقرة آية ١٤٣].
يا أيها النبي إن ربك أرسلك شاهدا على الناس يوم القيامة ، ومبشرا من آمن بك بالجنة ، ومنذرا من كفر بك أو عصاك بالنار ، وداعيا إلى الله وإلى طاعته بإذنه وأمره ، فلست مدعيا ولا متقولا بل كل هذا أمر الله وإذنه ، وأنت أيها الرسول السراج المنير الذي يهدى الناس إلى الحق وإلى الصراط المستقيم.
أرسلك ربك لتفتح أعينا عميا وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ، والسكينة والوقار لباسك ، والبر شعارك ، والتقوى زادك ، والحكمة قولك ، والصدق طبعك ، والخلق الكريم خلقك ، والحق والعدل شريعتك ، وقد ألفت بهذا أمما متفرقة ، وقلوبا متنافرة ، وأنقذت بهذا فئات من الناس قد ضلوا من قبل سواء السبيل ، حتى أصبحوا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، موحدين مؤمنين مخلصين صادقين مصدقين ، يهدون بالحق وبه يعدلون ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو ذو الفضل العظيم.
فحقا لقد صدق الله إذ يقول : وبشر يا محمد المؤمنين بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ، العاملين بكتاب الله وسنة رسوله ، بشرهم بأن لهم من الله فضلا لا يعرف له قدره ، فضلا من الله كبيرا ، وأجرا من عند الله عظيما ، ورزقا من الله كريما. وبعد هذا لا تطع الكافرين والمنافقين ، ولا تأبه بهم ولا تعن بشأنهم ، ودع أذاهم حتى تؤمر بما فيه علاجهم ، وتوكل على الله وحده ناصرك وحافظك ؛ ومن توكل على الله فهو حسبه ، وكفى بالله وكيلا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) الآية
قد يقول قائل : وما مناسبة هذه الآية لما قبلها؟ وقد أجاب على ذلك الفخر