وعماته ... إلخ فالجمهور يقولون : أحل الله لك ذلك زائدا على الأزواج اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، لأنه لو لا أراد أحللنا لك كل امرأة تزوجتها وآتيتها المهر لما كان لذكرهن فائدة ـ وأصحاب الرأى الأول يقولون إن المراد التوسيع على النبي لا التضييق عليه وتلك خصوصية له ، وإنما ذكرهن تشريفا لهن ولهذا نظير قوله : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [سورة الرحمن آية ٦٨] ـ الله أعلم بكتابه.
وإنما خص المهاجرات من الأقارب بجواز تزوج النبي منهن متى شاء لأن من لم يهاجر لم يكمل ، ومن لم يكمل لا يصلح للنبي صلىاللهعليهوسلم الذي كمل وشرف وعظم.
وهل يجوز نكاح الهبة؟ لقد أجمع العلماء أن هبة المرأة نفسها غير جائزة وأن هذا اللفظ من الهبة لا يتم عليه نكاح ، وعند أبى حنيفة وصاحبه : إذا وهبت فأشهد هو على نفسه بمهر فذلك جائز.
لقد وهب كثير من النساء أنفسهن للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وروى عن عائشة أنها قالت : كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلىاللهعليهوسلم وأقول : أما تستحي امرأة تهب نفسها لرجل؟ حتى أنزل الله ـ سبحانه وتعالى ـ : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) فقالت : والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
وروى البخاري أن خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله ، وقيل الموهوبات أربع : ميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة ، وأم شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم.
قال الشعبي في قوله تعالى : ترجى من تشاء منهن .. الآية .. هن الواهبات أنفسهن وتزوج رسول الله منهن ، وترك منهن ، وقال الزهري : ما علمنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرجأ أحدا من أزواجه بل آواهن كلهن. وهذا هو المعقول ، والآية سيقت توسعة على رسول الله.
وقيل : المعنى المراد هو أن النبي صلىاللهعليهوسلم مخير مع أزواجه بين أن يقسم بالسوية أو يترك القسم إن شاء أرجأ وأخر بعضهن ، وإن شاء آوى إليه وجمع بعضهن ، ولكنه كان يقسم بالسوية ، ويؤوى إليه الكل ، دون أن يفرض الله عليه ذلك من قبل ، وإنما فعل ذلك تطييبا لنفوسهن وصونا لها عن أحوال الغيرة التي قد تؤدى إلى ما لا تحمد عقباه.